(🌼) قال (ﷺ) : {{ لولا بني إسرائيل لم يخنز اللحم ، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر }} .
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 3399 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | .
(🌼) لا يَكونُ شيءٌ إلَّا بقَدَرِ اللهِ سُبحانَه وتَعالى، وقد قَدَّرَ اللهُ تعالى أن يَخنَزَ اللَّحمُ، أي: يَنتَنُ اللَّحمُ إذا تُرِكَ، وأنْ تَقَعَ الخيانةُ منَ المرأةِ لزَوجِها، ولكنَّ البادئَ بالشَّيءِ يَكونُ كالسَّببِ الحاملِ لغَيرِه على الإتيانِ به؛ ولذلك لَمَّا كان بنو إسرائيلَ أوَّلَ مَن سَنُّوا ادِّخارَ اللَّحمِ وقد نُهُوا عن ذَلك، فلمَّا ادَّخروه أَنْتَنَ وكان اللَّحمُ لا يَنتَنُ قبلَ ذلك، فكان فِعلُهم سببًا في نَتْنِ اللَّحمِ.
(🌼) (ولولا حواءُ) ؛ سُمِّيتْ حَواء؛ لأنَّها أمُّ كلِّ حيٍّ، (لم تَخُن أُنثَى زَوجَها)؛ لأنَّ حواءَ أُمُّ الإناثِ كُلِّهنَّ؛ فأَشبَهها النِّساءُ ونُزِعَ العرقُ، وأمَّا خيانةُ حواءَ زَوْجَها فإنَّها كانتْ في تَرْكِ النَّصيحةِ في أمْرِ الشَّجرةِ لا في غيرِ ذلك. وليسَ المرادُ بالخيانةِ الخيانةَ في الفِراش أو ارتكابَ الفواحِش، حاشَا وكلَّا؛ فإنَّ ذلك لم يَقَعْ لامرأةِ نبيٍّ قطُّ، ولكن لَمَّا مالتْ إلى شَهوةِ النَّفْسِ مِن أكْلِ الشَّجرةِ عُدَّ ذلك خِيانةً له، وأمَّا مَن بعدها مِن النِّساءِ فخيانةُ كلِّ واحدةٍ منهنَّ بحسَبها، وليس في هذا حُجَّةٌ للنِّساءِ بأنْ يتمَكنَّ بهذا في الاسترسالِ في هذا النوعِ ، بل عليهنَّ أنْ يَضبِطْنَ أنفُسَهنَّ ويُجاهِدْنَ هواهنَّ .
(🌼) ولا تعارض بين قوله تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ} [الأعراف: 20]، وقوله: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى * فَأَكَلَا مِنْهَا} [طه: 120- 121] وبين الحديث فالشيطانُ وسوسَ لهما وهي ايضًا زينَّتْ ﻵدم فاجتمع على آدم الأمران.
(🌼) وفي الحديث : إشارةٌ إلى تَسليةِ الرِّجالِ فيما يقَع لهم مِن نِسائهم بما وقَع مِن أُمِّهن الكُبرى، وأن ذلك مِن طبعهنَّ؛ فلا يُفرِط في لوم مَن وقَع منها شَيءٍ خصوصًا إذا كان من غيرِ قصْدٍ إليه، أو على سَبيل النُّدور.
الجمعة، 30 مارس 2018
شرح حديث قال (ﷺ) : {{ لولا بني إسرائيل لم يخنز اللحم ، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر }}
الخميس، 29 مارس 2018
صحة حديث الرسول قال (ﷺ) : {{ ما مِن مُسلِمٍ يُقرِضُ مسلمًا قرضًا مرَّتينِ إلَّا كانَ كصدقتِها مرَّةً }} .
(🌼) نعم هذا الحديث صحيح ، وهناك أحاديث أخرى تُؤيده أيضاً ....
(🌼) قال (ﷺ) : {{ ما مِن مُسلِمٍ يُقرِضُ مسلمًا قرضًا مرَّتينِ إلَّا كانَ كصدقتِها مرَّةً }} .
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه الصفحة أو الرقم: 1987 | خلاصة حكم المحدث : حسن .
التخريج : أخرجه ابن ماجه (2430) واللفظ له، وابن حبان (5040) .
(🌼) ومعنى الحديث : حَثَّتْ شَريعةُ الإسلامِ الحَكيمةُ على التَّراحُمِ والتَّعاوُنِ على البِرِّ والتَّقوى، وأنْ يُنَفِّسَ النَّاسُ عن بعضِهم البعضِ في الكُرباتِ والمُلِّماتِ، وأمَرَ الطَّرفينِ- الدَّائنَ والمدينَ- بمعرفةِ حقِّ الطَّرَفِ الآخرِ.
(🌼) وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "ما مِن مُسلمٍ يُقرِضُ مُسلمًا قَرْضًا مرَّتينِ، إلَّا كان كصدَقَتِها مرَّةً"، أي: إذا أقرَضَ مرَّتينِ، كان ذلك كما لو تصدَّقَ على المُقترِضِ مَرَّةً واحدةً، وله أجرُ الصَّدقةِ، وقد قال اللهُ تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 245]، وفيه حَثُّ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الإقراضِ والمُعاونةِ، وقَضاءِ حاجةِ المُسلمِ، وتَفريجِ كُربتِه وسَدِّ فاقتِه ، وقد قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في فَضلِ التَّنفيسِ عن النَّاسِ كما في صَحيحِ مُسلمٍ: "مَن نفَّسَ عن مُؤمنٍ كُربةً مِن كُرَبِ الدُّنيا، نفَّسَ اللهُ عنه كُربةً مِن كُربِ يومِ القِيامةِ، ومَن يسَّرَ على مُعسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عليه في الدُّنيا والآخِرةِ، ومَن ستَرَ مُسلمًا، ستَرَه اللهُ في الدُّنيا والآخرةِ... ، الحديثَ".
(🌼) ولهذا الحديثِ قِصَّةٌ أورَدَها ابنُ ماجَه عندَ رِوايتِه للحديثِ : "كان سُليمانُ بنُ أُذْنانٍ يُقرِضُ عَلقمةَ ألفَ دِرهمٍ إلى عَطائِه"، أي : إلى موعدِ أخْذِه للعطاءِ مِن الدِّيوانِ ، "فلمَّا خرَجَ عطاؤُه تقاضاها منه واشتَدَّ عليه" ، أي : في طلَبِ قَضاءِ الدَّينِ، "فقضاه، فكأنَّ عَلقمةَ غضِبَ، فمكَثَ أشهُرًا ثمَّ أتاه، فقال: أقرِضْني ألفَ دِرهمٍ إلى عَطائي، قال: نعمْ، وكَرامةً! يا أُمَّ عُتبةَ، هلُمِّي تلك الخريطةَ المختومةَ الَّتي عندك، فجاءتْ بها، فقال : أمَّا واللهِ إنَّها لَدَراهمُك الَّتي قَضَيْتني ، ما حرَّكْتُ منها دِرهمًا واحدًا. قال : فللَّهِ أبوكَ ! ما حمَلَك على ما فعلْتَ بي ؟ قال : ما سمِعْتُ منك، قال: ما سمِعْتَ مِنِّي؟ قال : سمِعْتُك تذكُرُ عنِ ابنِ مسعودٍ ، أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «ما مِن مُسلِمٍ يُقرِضُ... " ثم ذَكَر الحديثَ .
(🌼) وفي الحديثِ : بيانُ فضْلِ القَرضِ مع الصَّبرِ على المُقترِضِ .
(🌼) ودل هذا الحديث أيضاً على عظم القرض الحسن أن يُسجل لصاحبه أي المُقرض نصف قرضه صدقة ، ويبقى له ماله له كاملاً كما هو ...
(🌼) قال (ﷺ) : {{ إنَّ السلفَ يجري مجرى شطرِ الصدقةِ }} .
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 1640 | خلاصة حكم المحدث : صحيح .
(🌼) وأيضاً دل هذا الحديث على عظم القرض الحسن : {{ كان رجلٌ يُداينُ النَّاسَ ، فكان يقولُ لِفَتاه : إذا أتَيْتَ مُعْسِرًا فتجاوَزْ عنه ، لعلَّ اللهَ أن يتجاوَزَ عنَّا ، قال : فلقِيَ اللهَ فتجاوَزَ عنه }} .
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 3480 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] .
(🌼) وقال (ﷺ) : {{ مَنِ أنظَرَ مُعْسِرًا ، أوْ وضَعَ عنْهُ أظلَّهُ اللهُ في ظلِّهِ ، يومَ لَا ظِلَّ إلَّا ظلُّهُ }} .
الراوي : أبو اليسر كعب بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 6106 | خلاصة حكم المحدث : صحيح .
(🌼) وقال (ﷺ) : {{ من أنظرَ معسرًا كانَ لَه بِكلِّ يومٍ صدقةٌ ومن أنظرَه بعدَ حلِّهِ كانَ لَه مثلُه في كلِّ يومٍ صدقةٌ }} .
الراوي : بريدة بن الحصيب الأسلمي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه الصفحة أو الرقم: 1977 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | .
والله تعالى أعلى وأعلم .
معنى السلفية
(•) السلفية هي منهاج وليست جماعة كما يظن الكثير من المسلمين ، ومعناها أن نتبع منهاج السلف الصالح محمد (ﷺ) وصحبه ، كما قال النبي (ﷺ) وأوصانا بقوله : {{ فإنَّه من يعِشْ منكم من بعدي فسيرَى اختلافًا كثيرًا, فعليكم بسنَّتي وسنَّةِ الخلفاءِ المهديِّينَ الرَّاشدينَ, تمسَّكوا بها, وعضُّوا عليها بالنَّواجذِ, وإيَّاكم ومحدَثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ مُحدثَةٍ بدعةٌ, وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ, زاد في حديثٍ آخرَ : وكلَّ ضلالةٍ في النَّارِ }} .
الراوي: - المحدث: الألباني - المصدر: صلاة التراويح - الصفحة أو الرقم: 86 خلاصة حكم المحدث: صحيح .
(•) وكما في قوله (ﷺ) : {{ افترقتِ اليهودُ على إحدَى وسبعينَ فرقةً , وافترقتِ النصارَى على اثنتَينِ وسبعينَ فرقةً , وستفترقُ هذه الأمةُ على ثلاثٍ وسبعينَ فرقةً كلُّها في النارِ إلا واحدةً، قيل : من هي يا رسولَ اللهِ؟ فقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : مَن كان على مِثلِ ما أنا عليه وأصحابِي }} .
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: ابن باز - المصدر: مجموع فتاوى ابن باز - الصفحة أو الرقم: 264/4 خلاصة حكم المحدث: [ثابت] .
فهذا ملخص منهاج أهل السنة والجماعة والسلف الصالح ...
تفسير يسير للقرأن الكريم
.
(•) تفسير الشيخ عبد الرحمن السعدي " فهو تفسير جيد وسهل العبارة غزير العلم .
(•) وهذا رد الشيخ إبن عثيمين (رحمه الله) على سائل يسأل عن أيسر التفاسير للعوام :
فقال : الذي يصلح للعوام تفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي ؛ لأنه ليس فيه إسرائيليات ، ولا أسانيد ولا شيء يشوش عليهم .
وتفسير الجلالين لطالب العلم جيد؛ لأنه في الحقيقة زبدة، وكما تعلم أنه يتمشى في مسألة الصفات على مذهب الأشاعرة فلا يوثق به فيرد قوله في ذلك، لكن في غير ذلك جيد جداً من حيث سبكه للقرآن، وتنبيهه في كلمات وجيزة على أمور تخفى على بعض طلبة العلم
فإذا اجتمع الفتوحات الإلهية وهو ما يعرف بحاشية الجمل مع الجلالين كان طيباً .
والله تعالى أعلى وأعلم .
هل يعتبر ارتكاب المعاصي ممن اتخذ إلهه هواه
||
(★) المقصود بإتباع الهوى في البدع والضلالات التي تُخرج من الملة ، وهذا المقصود بالإنحراف وإتباع الهوى ، فإتباع الهوى هو ضلال في الدين ، وليس المراد ولا المقصود بالمعاصي والذنوب ولا حتى الكبائر ، فمرتكب جميع الكبائر لا يكفر إن كان موحداً ومُصلياً ، وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة ....
(★) وأضرب مثلاً على القرأآنيين الذين لا يُؤمنون بالسنة كلها ، فهم إتبعوا الهوى في ذلك ، مع العلم أن القرأن والسنة كلاهما بوحي من الله عز وجل ، ولولا السنة وصاحبها لما عرفنا القرأن أصلاً ، ولما وصل إلينا القرأن .... فهل هذه الفرقة نعتبرهم عاصين فقط أم هم قد ضلوا واتبعوا الهوى في معتقدهم ذلك ، ومن يُنكر صحيح وصريح السنة يكفر بإجماع .... ؟؟
(★) فالموحد الذي لا يأتي بناقض من نواقض الإسلام والتوحيد ، فهذا مهما ارتكب من معاصي وذنوب فلا نكفره ، وسيُحاسب على ذنوبه ومعاصيه يوم القيامة وتوزن عليه ، وأما الذي أتى بناقض من نواقض الإسلام واعتقد بعدم صحة هذا في الدين ، فهذا يكفر ولو لم يعصي ولم يُذنب ولم يأتي بأي كبيرة من الكبائر ، فذلك قال أهل العلم : فتنة الشبهات أعظم من فتنة الشهوات .....
(★) ولذلك أخبر النبي (ﷺ) أن 72 فرقة من فرق الإسلام في النار لفساد معتقدها وإتباعها للهوى في العبادات ، وبذلك اشركوا بالله جل وعلا ....
(★) قال (ﷺ) : {{ افترقتِ اليهودُ على إحدَى وسبعينَ فِرقَةً ، فواحدةٌ في الجنةِ وسبعين في النارِ ، وافترقتِ النّصارى على اثنينِ وسبعينَ فرقةً فواحدةٌ في الجنةِ وإحدى وسبعينَ في النارِ ، والذي نفسي بيدهِ لتفتَرِقنّ أمّتي على ثلاثٍ وسبعينَ فرقةً ، فواحدةٌ في الجنةِ وثنتينِ وسبعينَ في النارِ ، قيلَ يا رسولَ اللهِ من هم ؟ قال : همُ الجماعَة }} .
الراوي : عوف بن مالك الأشجعي | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة الصفحة أو الرقم: 1492 | خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد رجاله ثقات .
(★) قال تعالى : {{ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ }} الجاثية 23 .
(★) ومعنى الأية هو : يقول تعالى: { أَفَرَأَيْتَ } الرجل الضال الذي { اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ } فما هويه سلكه سواء كان يرضي الله أو يسخطه. { وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ } من الله تعالى أنه لا تليق به الهداية ولا يزكو عليها.
(★) { وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ } فلا يسمع ما ينفعه، { وَقَلْبِهِ } فلا يعي الخير { وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً } تمنعه من نظر الحق ، { فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ } أي : لا أحد يهديه وقد سد الله عليه أبواب الهداية وفتح له أبواب الغواية ، وما ظلمه الله ولكن هو الذي ظلم نفسه وتسبب لمنع رحمة الله عليه { أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } ما ينفعكم فتسلكونه وما يضركم فتجتنبونه .
(★) وهي تتحدث أيضاً عن أصحاب الفرق والجماعات التي ضلت عن جادة الصواب بعد أن عرفت الحقّ وحادت عنه فضلت وزاغت ...
(★) ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ) أي : إنما يأتمر بهواه ، فمهما رآه حسنا فعله ، ومهما رآه قبيحا تركه : وهذا قد يستدل به على المعتزلة في قولهم بالتحسين والتقبيح العقليين .
وعن مالك فيما روي عنه من التفسير : لا يهوى شيئا إلا عبده .
وقوله : ( وأضله الله على علم ) يحتمل قولين :
1 - أحدهما : وأضله الله لعلمه أنه يستحق ذلك .
2 - والآخر : وأضله الله بعد بلوغ العلم إليه ، وقيام الحجة عليه .
- والثاني يستلزم الأول ، ولا ينعكس .
(★) ( وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة ) أي : فلا يسمع ما ينفعه ، ولا يعي شيئا يهتدي به ، ولا يرى حجة يستضيء بها ; ولهذا قال : ( فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ) كقوله : ( من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون ) [ الأعراف : 186 ] .
(★) فالهوى إله يُعبد من دون الله تعالى ، وبه ضلت أغلب الفرق والجماعات والأفراد وانحرفت عن الحقّ ، وطريق الهُدى ، فهم سلكوا طُرقاً أخرى بعد أن كانوا على علم وبصيرة أو عُميَّ على ابصارهم وضلوا عن الحقّ بعد أن عرفوه وعلموه ....
(★) والأية تخص الكفار وغيرهم ، فمثلاً اليهود ضلوا على علم ، والنصارى ضلوا على جهل ، ولا شك أن المسلم الذي انحرف عن عقيدة التوحيد واتبع هواه فيما يعبد ، وعبد الله عز وجل على غير ما شرع وأذن ، فهذا ضل ضلالاً بعيداً ، واستحق الغشاوة على بصره وبصيرته بسبب ذلك ....
(★) فلذلك قال تعالى : {{ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }} الأعراف 176 .
(★) وقال تعالى : {{ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا }} الكهف 28 .
(★) وقال تعالى : {{ فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لَّا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ }} طه 16 .
(★) وقال تعالى : {{ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا }} الفرقان 43 .
(★) وقال تعالى : {{ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }} القصص 50 .
(★) وقال تعالى : {{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ }} النازعات 40 - 41 .
(★) فكل الضلال الذي يحصل للبشر هو بسبب هوى النفس وإتباع الهوى فيما يعبدون ويعتقدون ، فالهوى نفسه هو إله يُعبد من دون الله جل وعلا ....
(★) فلذلك قال تعالى : {{ قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ }} يوسف 108 .
والله تعالى أعلى وأعلم .
هل يجوز التقليد في العقيدة
|
(•) طُرح هذا السؤال على الشيخ إبن عثيمين (رحمه الله) :
السؤال :هل يجوز التقليد في أبواب العقيدة، أم لابد من الأخذ بالدليل ؟
(•) فأجاب الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : يجوزالتقليد في العقائد مما لا يتمكن معرفته بالدليل، ولهذا نرى العامة الآن كلهم يقلدون، بل قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:43]
سؤالنا أهل الذكر عن هؤلاء الرسل معناه أن نقلد المسئول ونأخذ بقوله ، فالتقليد في المسائل العقدية كالتقليد في المسائل العملية تماماً ولا فرق، فالذي لا يستطيع الوصول إلى الحق بنفسه ففرضه التقليد {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:43] .
وأما من قال: إنه لا يصح إيمان المقلد . فمقتضى قوله : أن العوام من الناس لا يصح إيمانهم ؛ لأنهم إنما بنوا إيمانهم على التقليد ، علمائهم قالوا كذا يقولون كذا.
لقاء الباب المفتوح (94/22)
(•) المسألة الأولى "العلم" فكأن قائلا قال له ما العلم ؟ ففسر العلم بأنه "معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام بالأدلة "، فهذا هو أعلى العلم وأعظم العلم وأول العلم ؛ أن يعرف العبد ربه وأن يعرف نبيه وأن يعرف دينه بالأدلة ، فإن قال لنا قائل : ما الدليل على هذا التفسير ؟ قلنا: إن الشيخ -رحمه الله- أخذ ذلك من حديث البراء -رضي الله عنه- في السؤال في القبر فإن هذا يدل على أن هذا هو أعظم ما ينبغي أن يتعلمه المسلم، ولا يكفي العلم المجرد-أيها الإخوة- بل لا بد من العلم مع الاعتقاد والعمل، لا يكفي أن يعلم العبد الله وأن يعرف الله وأن يعرف النبي محمدا صلى الله عليه وسلم وأن يعرف دين الإسلام بدون اعتقاد بل لا بد من الاعتقاد ولا بد من العمل فإن المنافقين عرفوا الله وعرفوا نبيه صلى الله عليه وسلم وعرفوا دين الإسلام وقالوه بألسنتهم لكنهم لم يعتقدوه بقلوبهم فلم ينفعهم، وقد سمعنا في حديث البراء بن عازب -أيها الإخوة- أن الرجل الفاجر عند السؤال يقول: "هاه هاه لا أدري سمعت الناس يقولون ذلك فقلته"، فهو كان يقول ولكن ليس عن اعتقاد وإنما كان ذلك محاكاة للناس، ولذا قال المصنف -رحمه الله-: " العلم وهو معرفة الله "؛ معرفة الله -يا إخوة- تكون بالقلب بأن يعلم المسلم بقلبه معتقدا اعتقادا جازما لا شك فيه أن الله -عز وجل- ربه، وهذه المعرفة تستلزم القبول بشرعه -سبحانه وتعالى- والإذعان والإنقياد والتسليم والتحكيم، فواجب على المسلم أن يعرف ربه، أن يعرف ربه بأفعاله فيعرف أن ربه الذي خلقه ورزقه ورباه بنعمه وخلق جميع المخلوقات وهذا ما يعرف عند علمائنا بتوحيد الربوبية الذي هو توحيد الله بأفعاله -سبحانه وتعالى-. ويعرف ربه -عز وجل- بألوهيته وأنه الإله الحق الذي لا يستحق العبادة سواه لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا ولي صالح ولا بشر معظم ولا جن ولا صنم ولا غير ذلك، فلا معبود بحق إلا الله -سبحانه وتعالى-، يجب أن يعلم المسلم بهذا؛ يقول الله -عز وجل-: { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} وسيأتي هذا إن شاء الله. ويعرف ربه أيضا بأسمائه وصفاته، فيعرف أسماء الله ويعرف صفات الله التي ثبتت في الكتاب والسنة، يعرفها ويثبتها ويؤمن بها كما سيأتي إن شاء الله؛ وهذه المعرفة -أيها الإخوة- يجب أن تكون عن الأدلة فلا ينفع فيها التقليد المحض بدون اعتقاد ولا ينفع فيها اتباع كلام الناس بدون اعتقاد ولذلك قال إمامنا -رحمه الله-:" هو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام بالأدلة" قوله رحمه الله: "بالأدلة" يرجع إلى الثلاث المعارف: إلى معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام، فيجب أن تكون معرفتك لله بالأدلة لا بالتقليد المحض الذي لا ينتج اعتقادا، وهنا -يا طلاب العلم يا معاشر المؤمنين- مسألتان يجب فقههما حتى لا تزل القدم في هذا الباب:
المسألة الأولى : هي مسألة وجوب أن يتعلم المكلف هذه الأمور بالأدلة وعدم جواز التقليد فيها، وهذه المسألة -يا إخوة- عند علمائنا تعرف بمسألة الطريق.
|
(•) والمسألة الثانية : مسألة حكم من قلد في هذه الأمور هل يصح اعتقاده أو لا يصح؟ وهذه تعرف عند علمائنا بمسألة الغاية، فالإعتقاد له طريق والإعتقاد هو الغاية، ومن شراح الأصول الثلاثة من قال: إن قول الشيخ هنا: "بالأدلة" وافق فيه المعتزلة؛ وهذا سوء فهم، ومنهم من قال: إن هذه الأمور يجوز أخذها بالتقليد؛ وهذا سوء علم، وهذان السببان -أيها الإخوة- أهم أسباب الإنحراف عن الحق: سوء الفهم وسوء العلم، فإذا أضفت لهما الثالث اجتمعت الأسباب ألا وهو سوء القصد، فمن ساء قصده انحرف عن الحق، ومن ساء فهمه انحرف عن الحق سواء ساء فهمه في فهم الأدلة الشرعية كما وقع للخوارج الذين نزلوا الآيات التي في الكفار على المؤمنين؛ أو ساء فهمه في فهم القواعد الشرعية كما وقع للمكفرة في سوء فهمهم لقاعدة أن من لم يكفر الكافر فهو كافر؛ أو ساء فهمه لكلام أهل العلم فإنه ينحرف عن الحق؛ أو ساء علمه سواء كان جاهلا فتكلم في المسائل بجهل، أو كان عالما علما لا ينفع فكان جاهلا وهو يظن أنه عالم كبعض المتزعمة في هذا العصر يؤلفون الكتب وينتجون الأشرطة وإذا نظرت في كلامهم وجدته جهلا وهم يظنون أنهم أئمة، وهذا هو الجهل المركب عند أهل العلم، ومن ساء علمه انحرف عن الحق؛ فإذن على طالب العلم، على طالب الحق، على المسلم أن يُحكم هذه الأمور الثلاثة فيراقب القصد فيكون قصده حسنا، يكون قصده الحق، وينظر في الفهم فيكون فهمه حسنا، ومتى يكون حسنا؟ إذا كان على فهم السلف، فهذا هو الفهم الحسن للدين الذي جاء به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وينظر أيضا في علمه هل هو علم حسن أو سيء، فيحرص على أن يكون حسنا.
- أعود للمسألتين :
(•) المسألة الأولى : هل يجوز للمسلم أن يأخذ هذه الأمور بالتقليد؟
(•) والذي عليه جمهور العلماء وجمهور أهل الحديث أنه لا يجوز تعلم المسائل الكبار بطريق التقليد بل تعلمها بالأدلة فرض عين ، فيجب على كل مسلم أن يطلب علمها بالأدلة .
(•) وأما المسألة الثانية وهي : ما الحكم لو أن مسلما قلد في هذه الأمور ولم يتعلم ؟ أخذ ذلك عن العلماء بالتقليد أو أخذ ذلك عن أهله بالتقليد ولم يتعلم .
نقول : التقليد هنا -كما ذكر العلماء- له حالتان :
1 - أن لا يُنتج اعتقادا ولكن الإنسان يردد ما يردده الناس من غير اعتقاد، وهذا لا ينفع كما جاء في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.
2 - أن يُنتج اعتقادا فيعتقد ذلك اعتقادا جازما، وهذا عند أهل السنة والجماعة يصح اعتقاده وهو مسلم خلافا للمعتزلة ، المعتزلة يقولون لا يصح اعتقاده إلا إذا كان عن طريق الأدلة العقلية ، أما أهل السنة والجماعة فيقولون : من اعتقد اعتقادا صحيحا جازما صح اعتقاده ولو كان ذلك بطريق التقليد .
(•) نقلت لك هذا من كلام الشيخ إبن عثيمين (رحمه الله) في تفصيل هذه المسألة .
والله تعالى أعلى وأعلم .