||
(★) المقصود بإتباع الهوى في البدع والضلالات التي تُخرج من الملة ، وهذا المقصود بالإنحراف وإتباع الهوى ، فإتباع الهوى هو ضلال في الدين ، وليس المراد ولا المقصود بالمعاصي والذنوب ولا حتى الكبائر ، فمرتكب جميع الكبائر لا يكفر إن كان موحداً ومُصلياً ، وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة ....
(★) وأضرب مثلاً على القرأآنيين الذين لا يُؤمنون بالسنة كلها ، فهم إتبعوا الهوى في ذلك ، مع العلم أن القرأن والسنة كلاهما بوحي من الله عز وجل ، ولولا السنة وصاحبها لما عرفنا القرأن أصلاً ، ولما وصل إلينا القرأن .... فهل هذه الفرقة نعتبرهم عاصين فقط أم هم قد ضلوا واتبعوا الهوى في معتقدهم ذلك ، ومن يُنكر صحيح وصريح السنة يكفر بإجماع .... ؟؟
(★) فالموحد الذي لا يأتي بناقض من نواقض الإسلام والتوحيد ، فهذا مهما ارتكب من معاصي وذنوب فلا نكفره ، وسيُحاسب على ذنوبه ومعاصيه يوم القيامة وتوزن عليه ، وأما الذي أتى بناقض من نواقض الإسلام واعتقد بعدم صحة هذا في الدين ، فهذا يكفر ولو لم يعصي ولم يُذنب ولم يأتي بأي كبيرة من الكبائر ، فذلك قال أهل العلم : فتنة الشبهات أعظم من فتنة الشهوات .....
(★) ولذلك أخبر النبي (ﷺ) أن 72 فرقة من فرق الإسلام في النار لفساد معتقدها وإتباعها للهوى في العبادات ، وبذلك اشركوا بالله جل وعلا ....
(★) قال (ﷺ) : {{ افترقتِ اليهودُ على إحدَى وسبعينَ فِرقَةً ، فواحدةٌ في الجنةِ وسبعين في النارِ ، وافترقتِ النّصارى على اثنينِ وسبعينَ فرقةً فواحدةٌ في الجنةِ وإحدى وسبعينَ في النارِ ، والذي نفسي بيدهِ لتفتَرِقنّ أمّتي على ثلاثٍ وسبعينَ فرقةً ، فواحدةٌ في الجنةِ وثنتينِ وسبعينَ في النارِ ، قيلَ يا رسولَ اللهِ من هم ؟ قال : همُ الجماعَة }} .
الراوي : عوف بن مالك الأشجعي | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة الصفحة أو الرقم: 1492 | خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد رجاله ثقات .
(★) قال تعالى : {{ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ }} الجاثية 23 .
(★) ومعنى الأية هو : يقول تعالى: { أَفَرَأَيْتَ } الرجل الضال الذي { اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ } فما هويه سلكه سواء كان يرضي الله أو يسخطه. { وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ } من الله تعالى أنه لا تليق به الهداية ولا يزكو عليها.
(★) { وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ } فلا يسمع ما ينفعه، { وَقَلْبِهِ } فلا يعي الخير { وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً } تمنعه من نظر الحق ، { فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ } أي : لا أحد يهديه وقد سد الله عليه أبواب الهداية وفتح له أبواب الغواية ، وما ظلمه الله ولكن هو الذي ظلم نفسه وتسبب لمنع رحمة الله عليه { أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } ما ينفعكم فتسلكونه وما يضركم فتجتنبونه .
(★) وهي تتحدث أيضاً عن أصحاب الفرق والجماعات التي ضلت عن جادة الصواب بعد أن عرفت الحقّ وحادت عنه فضلت وزاغت ...
(★) ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ) أي : إنما يأتمر بهواه ، فمهما رآه حسنا فعله ، ومهما رآه قبيحا تركه : وهذا قد يستدل به على المعتزلة في قولهم بالتحسين والتقبيح العقليين .
وعن مالك فيما روي عنه من التفسير : لا يهوى شيئا إلا عبده .
وقوله : ( وأضله الله على علم ) يحتمل قولين :
1 - أحدهما : وأضله الله لعلمه أنه يستحق ذلك .
2 - والآخر : وأضله الله بعد بلوغ العلم إليه ، وقيام الحجة عليه .
- والثاني يستلزم الأول ، ولا ينعكس .
(★) ( وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة ) أي : فلا يسمع ما ينفعه ، ولا يعي شيئا يهتدي به ، ولا يرى حجة يستضيء بها ; ولهذا قال : ( فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ) كقوله : ( من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون ) [ الأعراف : 186 ] .
(★) فالهوى إله يُعبد من دون الله تعالى ، وبه ضلت أغلب الفرق والجماعات والأفراد وانحرفت عن الحقّ ، وطريق الهُدى ، فهم سلكوا طُرقاً أخرى بعد أن كانوا على علم وبصيرة أو عُميَّ على ابصارهم وضلوا عن الحقّ بعد أن عرفوه وعلموه ....
(★) والأية تخص الكفار وغيرهم ، فمثلاً اليهود ضلوا على علم ، والنصارى ضلوا على جهل ، ولا شك أن المسلم الذي انحرف عن عقيدة التوحيد واتبع هواه فيما يعبد ، وعبد الله عز وجل على غير ما شرع وأذن ، فهذا ضل ضلالاً بعيداً ، واستحق الغشاوة على بصره وبصيرته بسبب ذلك ....
(★) فلذلك قال تعالى : {{ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }} الأعراف 176 .
(★) وقال تعالى : {{ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا }} الكهف 28 .
(★) وقال تعالى : {{ فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لَّا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ }} طه 16 .
(★) وقال تعالى : {{ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا }} الفرقان 43 .
(★) وقال تعالى : {{ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }} القصص 50 .
(★) وقال تعالى : {{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ }} النازعات 40 - 41 .
(★) فكل الضلال الذي يحصل للبشر هو بسبب هوى النفس وإتباع الهوى فيما يعبدون ويعتقدون ، فالهوى نفسه هو إله يُعبد من دون الله جل وعلا ....
(★) فلذلك قال تعالى : {{ قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ }} يوسف 108 .
والله تعالى أعلى وأعلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق