في الثلاثاء يناير 19, 2010 6:51 pm
من طرف الشيخ جميل لافي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحيض والإستحاضة والنفاس
الحيض والإستحاضة والنفاس
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المتقين ، محمدا" وعلى آله وصحبه ،ومن سار على نهجه وهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين ،وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا" عبده ورسوله ، وخاتم أنبياءه ورسله .
أما بعد .
قال الله تعالى : (ويسألونك عن المحيض، قُل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن ، فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ، إن الله يُحب التوابين ويُحب المتطهرين ) .222 البقرة.
الحيض : ــ
هو السيلان ، وفي العرف جريان دم المرأة من موضع مخصوص في أوقات معلومة. وقال النبي (صلى الله عليه وسلم) [...]هذا شيئٌ كتبه الله على بنات آدم) البخاري. وصح عن إبن عباس(رضي الله عنهما) (أن إبتداء الحيض كان على حواء بعد أن أُهبطت من الجنة)رواه الحاكم وإبن المنذر. وسَمى الله تعالى الحيض أذى" لنتنهِ وقذرهِ ونجاسته ، والمعنى : أن المحيض أذى يعتزل من المرأة موضعه ولا يتعدى ذلك إلى بقية بدنها ، وقد ثبت عن النبي أنه إذا أراد أهله وضع خرقة على الفرج وجامع من غير إيلاج .
* روى مسلم وأبو داود من حديث أنس (رضي الله عنه) أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة أخرجوها من البيت ( فلا يؤاكلوها ولا يشاربوها ولا يجالسوها ) فسُئل النبي (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك فنزلت هذه [الآية 222 البقرة
. فقال : ( إصنعوا كل شيءإلا النكاح ) فأنكرت اليهود ذلك . وعن عائشة(رضي الله عنها) قالت: (وكان يأمُرني فأتزرْ فيُباشرني وأنا حائض )صحيح البخاري.
ـــ * وفي باب العلم يدعو الى الإيمان ، أن أستاذة طبيبة في جامعة السربون بفرنسا وهي فرنسية نصرانية كاثوليكية بدأت تتكلم عن دم الحيض فقالت : إن أُوروبا كانت تزعُم أن نزول دم الحيض على النساء يُعتبر عملا" من أعمال السحر ، ولكن العلم إكتشف أنه دم تُفرزه بعض الغدد الأنثوية ثم شرعت في الكلام عن الأضرار التي تترتب على جماع الرجل بالمرأة الحائض ، وقالت : إن الرجل إذا ما إقترب من المرأة الحائض في حالة جنسية ( أي بإيلاج ) فإن ذلك يُؤدي الى أمراض جلدية .
ــ قام لها طالب مسلم سعودي وقال لها : إن القرآن سبقكِ بأربعة عشر قرنا" !!
فقالت له وماذا قال القرآن ؟؟ فقرأ عليها قولهِ تعالى الآية المتقدمة من سورة البقرة 222 . فقالت الأستاذة الطبيبة : أهاذا في كتابكم ؟؟ فقال لها الطالب المسلم نعم .
فقالت له : أريد أن أبحث الأمر مع أهل الرأي من العلماء فدعاها إلى جامعة الرياض بالسعودية ، فالتقت بالعلماء وقبل أن ينفض المجلس قالت أحضروا قلما" وورقة واكتبوا ما سأُمليه عليكم فقالت : أُقرُ وأعترف أن لا إلاه إلا الله وأن محمدا" رسول الله، ودخلت في الأسلام لفهمها الحقائق العلمية في القرآن .
** فهذه طبيبة كانت كافرة درست عن الحيض وتعلمت عنه ، وأقولها وللأسف أن معظم نساء المسلمين لا يعرفن عن أحكام الحيض شيئا" ... .
وقت الحيض :أكثر أهل العلم على أنه لا يبدأ قبل بلوغ الأنثى تسع سنين هجرية فإذا رأت الدم قبل هذا السن فلا يكون دم حيض وإنما يكون دم علة وفساد ، وقد يمتد الى آخر العمر، ولم يأتي دليل على أنه يتوقف عند سن مُعين ، فمتى رأت العجوز المُسنة الدم فهو دم حيض .
رائحته :كما تقدم فإن رائحة دم الحيض نتنة وقذره وهو نجس فبهذا يُعرف دم الحيض وُيميزعن غيره من الدماء التي تخرج من نفس الموضع وكذلك ألوانه .
ألوان الدم : يُميز دم الحيض بهذه الألوان : ــ
1 ــ الأحمرالمائل الى البني ــ وأحيانا" يميل للأحمر أكثر فيُميزبالرائحه .
2 ــ السواد ــ لحديث النبي (صلى الله عليه وسلم) ردا" على سؤال فاطمة بنت أبي حُبيش عندما كانت تُستحاض فقال [...]إذا كان دم الحيضة فإنه أسود يُعرف فإذا كان كذلك فأمسكي عن الصلاة ، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق) رواة أبو داود والنسائي وابن حبان والدرقطني والحاكم . 9
3 ــ الصفرة ــ وهو ماء بلون القيح والصديد يعلوه إصفرار .
4 ــ الكدرة ــ وهو اللون المتوسط بين الأبيض والأسود( الرمادي كالماء الوسخ ) .
والصفرة والكدرة لحديث علقمة بن أبي علقمة عن أُمهِ مُرجانة مولاة عائشة (رضي الله عنها) قالت : كانت النساء يبعثن إلى عائشة(رضي الله عنها) بالِدرَجة (وعاء تضع المرأة فيه القطن بعد أن تتبع أثر الحيض فيها الكرسف (القطن) فيه الصفرة ، فتقول : لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء (القطنة البيضاء ) رواه مالك ومحمد بن الحسن وعلقه البخاري .
ففي أيام الحيض تُعتبرحيضا"، وبعد أن ترى المرأة الطُهر[ (القصة البيضاء) لا يُعتبر حيضا" ، لحديث أُم عطية (رضي الله عنها) قالت : ( كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا" ) رواه البخاري وأبو داود .
مدة الحيض :لايوجد دليل تقوم به الحجة على أقل الحيض أو أكثره ، فاختلف العلماء في المدة فقال بعضهم لا حد لأقلهِ وقال آخرون أقلهُ يومٌ وليلة ، وقال غيرهم ثلاثة أيام ، وأما أكثره فقيل عشرة أيام ، وقيل خمسة عشر يوما" .
** فهذا كله محتمل بالنسبة للنساء ، فيمكن أن تكون حيضة المرأة يوما" وينقطع الدم وتطهر فتغتسل وتصلي وتصوم ويطئُها زوجها ، فهذا يحصل اذا إضطربت دورة المرأة أو كانت غير منتظمة ، فعليها أن تتبع أثر الصفرة والكدرة فإذا خرجت القطنه بيضاء نظيفة وجب عليها الغُسل والصلاة . فكثير من النساء تُقصر في تَعلُم أحكام الحيض فتؤخرالغُسل فبالتالي تُفوتْ صلوات عديدة فتبقى بذمتها لأن الصلاة أثناء الحيض لا تُعاد كالصيام ، وكذلك تُحرجْ على زوجها أن يطأها .
ما يحرُم على الحائض :
1 ــ الصلاة : يحُرم على الحائض الصلاة ودخول المسجد والمُكث فيه إلا لضرورة كالمرور وتناول شيء من المسجد لقوله تعالى : ( يا أيها الذين أمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جُنبا" إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا .... ) النساء 43 . وتُلحق الحائض هنا بالجُنب ومعنى الصلاة هنا المسجد . وكطلب النبي (صلى الله عليه وسلم) من عائشة (رضي الله عنها) قال: ناوليني الخُمرة من المسجد ــ( التي كان يصلي عليها) ــ فقالت: إني حائض فقال[...] سبحان الله أحيضتك بيدك). صحيح مسلم .
2 ــ الصوم :لا يحلُ للحلئض والنُفساء أن تصوم ، وعليها الإعادة لعدد الأيام التي أفطرتها ولا تعيد الصلاة لحديث النبي (صلى الله عليه وسلم) : ( يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار) فقلن :ولم يا رسول الله ؟ قال [...] تُكثرن اللعن وتَكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن ) قلن : وما نقصان عقلنا وديننا يا رسول الله ؟ قال ) اليس شهادة المرأة مثل نصف شهادةالرجل ؟ ) قلن بلى . قال : (فذلك من نقصان عقلها ، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم ؟ ) قلن بلى . قال :(فذلك نقصان دينها ) البخاري ومسلم .
وعن معاذة قالت: سألت عائشة(رضي الله عنها) ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟؟ قالت : ( كان يُصيبنا ذلك مع رسول الله(صلى الله عليه وسلم) فنُؤمر بقضاء الصوم ولا نُؤمر بقضاء الصلاة ) رواه الجماعة .
3 ــ الوطء : وهو حرام بإجماع علماء المسلمين ، بنص الكتاب والسنة ، فلا يحلُ وطء الحائض والنفساء حتى تطهر وتغتسل ، فإذا طهرت ولم تغتسل فلا يحل للرجل مُجامعتها حتى تغتسل وقال بعض أهل العلم أن على من يُجامع أثناء الحيض كفارة أن يتصدق بدينار ذهب، وبعد الطهر و قبل الإغتسال بنصف ديناروالله أعلم. وأدلة الكتاب والسنة على وطء الحائض تقدم ذكرها فلا داعي للإعادة .
4 ــ القراءه من القرآن ومسه : لا يحل للمرأة الحائض والنفساء والجُنب مس المُصحف والقراءة منه ، ولكن رخصَ أهل العلم للمرأة التي تطول مدة حيضتها ونفاسها أن تقرأ من حفظها حتى لا تُنَسى القرآن ، ويجوز لها قراءة الأذكار والأوراد المعتادة عليها . لقوله تعالى : ( لايمسُه إلا المطهرون ) الواقعة 79 . وفي تفسيرها قولان .الأول : الكتاب الذي في السماء(ببيت العز) لا تمسه إلا الملائكة التي في السماء .والثاني : أما الكتاب الذي في الدنيا فلا يمسُهُ الكافر والمشرك والجُنب والحائض والنفساء لنهي النبي (صلى الله عليه وسلم): ( أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو)رواه مسلم عن إبن عمر رضي الله عنهما . وكذلك ما رواه الإمام مالك في موطئِهِ عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد عن عمرو بن حزم أن الكتاب الذي كتبه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعمرو بن حزم (أن لا يمس القرآن إلا طاهر) .
5 ــ الطواف بالكعبة :لا يحل للحائض والنفساء والمُحدث حدث أكبر وأصغر أن يطوف بالكعبة لأن الطواف صلاة لحديث عائشة (رضي الله عنها) قالت : خرجنا لا نرى إلا الحج . فلما ُكنا بِسرف حِضت ، فدخل عليّ رسول الله(صلى الله عليه وسلم) وأنا أبكي قال :مالكِ أنفستِ ؟ قلت: نعم . قال: ( إن هذا أمرٌ كتبهُ اللهُ على بنات أدم ، فاقضي ما يقضي الحاج ، غير أن لا تطوفي بالبيت ) صحيح البخاري .
الإستحاضة : ــ
تعريفها : هي إستمرار نزول الدم وجريانه في غير أوانه .
أحوال المستحاضة : ــ ثلاث .
1 ـ أن تكون مدة الحيض معروفة للمرأة قبل الإستحاضة . في هذه الحالة تُعتبر هذه المدة المعروفة هي مدة الحيض وما بعدها إستحاضة . لحديث أُم سلمة(رضي الله عنها) : أنها إستفتت النبي (صلى الله عليه وسلم) في إمرأة تهراق الدم فقال : ( لتنظرقدر الليالي والأيام التي كانت تحيضهن وقدرهن من الشهر ، فتدع الصلاة ، ثم لتغتسل ولتستنفر ثم تصلي ) . رواه مالك والشافعي والخمسة إلا الترمذي . أي بعد أيام الحيض المعلومة تغتسل وتتحفظ وتشد عليه الإزار وتصلي حتى لو كان جريان الدم كالسيل وتتوضأ لكل صلاة ولا تعيد الإغتسال.
2 ـ أن يستمر بها الدم ولم يكن لها أيام معروفة ، أو لإضطراب الدورة أو لا تستطيع تمييز دم الحيض . ففي هذه الحالة تكون حيضتها ستة أو سبعة أيام على غالب عادة النساء . لحديث حمنة بنت جحش (رضي الله عنها) قالت: كنت أُستحاض حيضة شديدة كثيرة فاستفتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فوجدتهفي بيت أُختي زينب بنت جحش (رضي الله عنها) فقلت: يا رسول الله إني أُستحاض حيضة شديدة فما ترى فيها ، وقد منعتني الصلاة والصيام ؟ فقال : ( إني أنعت لكِ الكرسف (القطن) فإنه يُذهب الدم ) قالت: هو أكثر من ذلك قال : (فتلجمي) . قالت إنما أثج ثجاً .فقال : ( سآمركِ بأمرين أيهما فعلتِ فقد أجزأعنكِ من الآخر ، فإن قويت عليهما فأنتِ أعلم ) .فقال لها ( إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان ، فتحيضي ستة أيام إالى سبعة في علم الله ثم إغتسلي ، حتى إذا رأيتِ أنك قد طهرتِ واستنقيتِ ، فصلي أربعاً وعشرين ليلة أو ثلاثاً وعشرين ليلة وأيامها ، وصومي فإن ذلك يُجزئكِ ، وكذلكِ فافعلي في كل شهركما تحيض النساء وكما يطهُرن بميقات حيضهن وطُهرهن ، ثم تغتسلين وتصلين الظهر والعصرجميعاً ، والمغرب والعشاء جميعاً وتغتسلي وتصلي الفجر ، أو تُأخرين صلاة الظهر إلى العصروتغتسلي وتصليهن جميعاً وكذلك المغرب والعشاء ، (أيجمع صوري) وتغتسلي وتصلين الفجر. فكذلك فافعلي وصلي وصومي إن قدرت على ذلك (وهذا أحب الأمرين إليّ ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي قال حسن صحيح وقال البخاري حسن .
قال الخطابي مُعلقاً على هذا الحديث : إنما هي إمرأة مُبتدأه لم يتقدم لها أيام ولا هي مُميزة لدمها وقد إستمر الدم حتى غلبها ، فرد النبي (صلى الله عليه وسلم) أمرها إلى العُرف والغالب من أحوال النساء ، وهذا أصل في قياس أمر النساء بعضهن على بعض في باب الحيض والحمل والبلوغ وما شابه .
3 ـ أن لا تكون لهاعادة ، ولكنها تستطيع تمييز دم الحيض عن غيره، وفي هذه الحالة تعمل بالتمييز لحديث فاطمة بنت أبي حُبيش الذي تقدم ذُكره سابقاً .
أحكام الإستحاضة : ــ
1 ـ لا يجب عليها الغسل للصلاة ولا للصوم ولا للجماع إلا مرة واحدة عند الطُهر من الحيض وعلى هذا الجمهور .
2 ـ يجب عليها الوضوء لكل صلاة .
3 ـ عليها أن تغسل فرجها قبل الوضوء وتحشوه بخرقة أو قطنة دفعاً للنجاسة وتقليلاً لها ، فإن لم يندفع الدم شدت على فرجها وتلجمت .
4 ـ ألا تتوضأ قبل دخول وقت الصلاة .
5 ـ ويجوز لزوجها أن يطأها في حال جريان الدم عند جماهير العلماء .
6 ـ لها حكم الطاهرات ، فتصلي وتصوم وتعتكف في المسجد وتقرأ القرآن وتمس المُصحف وتحمله وتطوف بالكعبة ، وهذا مُجمع عليه .
النفاس : ــ
تعريفه : هو الدم الخارج من قُبل المرأة بسبب الولادة وإن كان المولود سقطاً .
مدتة :لا حد لإقل النفاس ، فإذا ولدت وانقطع الدم عقب الولادة أو ولدت بلا دم وانقضى نفاسها لزمها ما يلزم الطاهرات من العبادات ، وأما أكثره فأربعون يوماً لحديث أُم سلمة (رضي الله عنها) قالت : ( كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أربعين يوماً ) رواه الخمسة إلا النسائي . وقال الترمذي : قد أجمع أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوماً ، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فإنها تغتسل وتصلى ، فإن رأت الدم بعد الأربعين فلا تدع الصلاة . * فإذا طهُرت من الحيض أو النفاس قبل العصر مثلاً وأخرت الغُسل إلى ما بعد العصر وجب عليها قضاء الظهرثم تصلي العصرعلى الترتيب وهكذا .... .
** ويحرُم على النفساء ما يحرُم على الحائض .
** تم بعون الله ، فإن كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان ، وأنا مُتراجعٌ عنه ، وإن كان من صواب وحق فمن الله وحده ، فلله وحده الفضل والمنه.
{ والحمد لله رب العالمين }
{ والحمد لله رب العالمين }
30/7/2008 الأربعاء
28/رجب/1429 هجرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق