بسم الله الرحمن الرحيم
رحلة الإنسان من بداية خلقه وتكوينه ، وحتى دخولهِ الجنة أو
النار .
والحمد لله رب العالمين ، الخالق الحقُ المُبين ، المُنعم المُتفضـــل على العالمين ، وجَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ ، والصلاة والسلام على المبعوثِ رحمةً للعالمين .
الجــــــزء الثالــــث 3
9 ـ الشفاعة ـ 10 ـ الحساب ـ 11 ـ تطاير الصحف ـ 12 ـ الميزان .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
9 ـ الشفاعــــــــــــــــة :
وهي عُظمى خاصة بنبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) في الخلق أجمعين يوم المحشر لرفع الكرب والبلاء عنهم وبدء محاسبتهم ،والشفاعة العُظمى لاخراج من دخل النار من المؤمنين ولرفعة الدرجات ، وشفاعات أخرى في غير يوم الحشر ، عامةً للنبي وغيره من الأنبياء والشهداء والصالحين ولمن يشاء اللهُ ويرضى.
* عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( كل نبي سأل سؤلا ، أو قال : لكل نبي دعوة قد دعا بها فاستجيب ، فجعلت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة ) صحيح البخاري .
* عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( أسعدُ الناسِ بشفاعتي يومَ القيامةِ من قالَ : لا إلهَ إلا اللهُ خالصاً مُخلصاً من قلبهِ)صحيح البخاري .
* وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض كلها مسجدا وطهورا ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ، وُأحلت ليَ الغنائم ، ولم تحل لأحدٍ قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس عامة )
متفق عليه، وأحمد والنسائي والدارمي .
* ومعنى أُعطيت الشفاعة : هي الشفاعة العظمى التي يعتذر عنها كبارُ الرسلْ ، ويُنتدب لها خاتمهم محمد (صلى الله عليه وسلم) فيُشفعه الله تعالى في الخلق ، ويحصل له المقام المحمود الذي يحمده فيه الأولون والآخرون ، وأهل السماوات والأرض، وتنال أمته من هذه الشفاعة الحظ الأوفر ، والنصيب الأكمل، ويشفع لهم شفاعة خاصة ، فيشفعه الله تعالى .
* وقال (صلى الله عليه وسلم) : ( لكل نبي دعوة قد تعجلها، وقد خبأت دعوتي شفاعة لأمتي فهي نائلة - إن شاء الله - من مات لا يُشرك باللهِ شيئا ) البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة والدارمي ومالك وأحمد .
* عن أنس (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) : ( أنا أولُ الناسِ يشفعُ في الجنة ، وأنا أكثرُ الأنبياءِ تبعاً ) صحيح في السلسلة الصحيحة ، والخطيب البغدادي .
* وعن أنس (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) : ( أنا أولُ شفيعٍ في الجنةِ لمْ يُصدقْ نبي من الأنبياء ما صُدقتُ ، وإن من الأنبياءِ نبياً ما يُصدقهُ من أمتهِ إلا رجلٌ واحدٌ ) صحيح في السلسلة الصحيحة 1570 .
* وعن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر وأنا أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر ولواء الحمد بيدي يوم القيامة ولا فخر)سنن ابن ماجة .
* عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إذا كان يوم القيامة شفعت ، فقلت : يا رب أدخل الجنة من كان في قلبه خردلة ، فيدخلون ، ثم أقول : أدخل الجنة من كان في قلبه أدنى شيء ) . فقال أنس : كأني أنظر إلى أصابع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ) صحيح البخاري .
قال تعالى : ( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ) الفجر 22 ،
يَعْنِي لِفَصْلِ الْقَضَاء بَيْن خَلْقه وَذَلِكَ بَعْدَمَا يَسْتَشْفِعُونَ إِلَيْهِ بِسَيِّدِ وَلَد آدَم عَلَى الْإِطْلَاق مُحَمَّد (صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بَعْدَمَا يَسْأَلُونَ أُولِي الْعَزْم مِنْ الرُّسُل وَاحِدًا بَعْد وَاحِد فَكُلّهمْ يَقُول لَسْت بِصَاحِبِ ذَاكُمْ حَتَّى تَنْتَهِي النَّوْبَة إِلَى مُحَمَّد (صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَيَقُول " أَنَا لَهَا ، أَنَا لَهَا " فَيَذْهَب فَيَشْفَع عِنْد اللَّه تَعَالَى فِي أَنْ يَأْتِي لِفَصْلِ الْقَضَاء فَيُشَفِّعهُ اللَّه تَعَالَى فِي ذَلِكَ وَهِيَ أَوَّل الشَّفَاعَات وَهِيَ الْمَقَام الْمَحْمُود كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانه ، ويجيء الرَّبّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ـ مجيئاً يليق بجلاله وكماله ـ لِفَصْلِ الْقَضَاء كَمَا يَشَاء وَالْمَلَائِكَة يَجِيئُونَ بَيْن يَدَيْهِ صُفُوفًا صُفُوفًا .
حتى أن شفاعة النبي (صلى الله عليه وسلم) تطال بعض الكفار المُحسنين مثل عمه أبي طالب فيُخفف عنهم العذاب في جهنم ولا يخرجوا منها .
* عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر عنده عمه أبو طالب ، فقال : ( لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة ، فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه ، يغلي منه أم دماغه ) صحيح البخاري .
10 ـ الحســـــــــــــــــاب :
* وأول الأمم حساباً من الأمم هُم :أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) ، وأول الأعمال حساباً الصلاة ، والقضاء في الدماء ، وأن الحساب اليسير هو العرض ، والنقاش في الحساب الهلاك والعياذُ بالله .
* عن عائشة (رضي الله عنها) : ( كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه وأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال من حُوسبَ عُذب قالت عائشة فقلت : أوليس يقول الله تعـالى : ( فأما من أوتي كتابهُ بيمينهِ فسوفَ يُحاسبُ حساباً يسيراً* وينقلبُ إلى أهلهِ مسروراً ) قالت : فقال إنما ذلك العرض ولكن من نوقش الحساب يهلك ) صحيح البخاري ومسلم .
وهناك مشاهدٌ كثيرة وعديدة من مشاهد يوم الحساب ، نذكر منها:
قال تعالى : ( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ) الفجر 222 ، يَعْنِي لِفَصْلِ الْقَضَاء والحساب بَيْن خَلْقه وَذَلِكَ بَعْدَمَا يَسْتَشْفِعُونَ إِلَيْهِ بِسَيِّدِ وَلَد آدَم عَلَى الْإِطْلَاق مُحَمَّد (صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بَعْدَمَا يَسْأَلُونَ أُولِي الْعَزْم مِنْ الرُّسُل وَاحِدًا بَعْد وَاحِد فَكُلّهمْ يَقُول لَسْت بِصَاحِبِ ذَاكُمْ حَتَّى تَنْتَهِي النَّوْبَة إِلَى مُحَمَّد (صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَيَقُول " أَنَا لَهَا ، أَنَا لَهَا "
وقال تعالى : ( الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) غافر 17 .
ولا أبلغ ولا أعظم من وصف ومُحاورة الله جل جلاله ، للمؤمنين والكفار في يوم الحساب بهذه الآيات .
قال تعالى : ( وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ * وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ * وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ * وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ * ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ )الجاثية 28 ـ 35 .
وقال تعالى : ( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ) الدخان 16 .
قَالَ اِبْن عَبَّاس (رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا) قَالَ اِبْن مَسْعُود (رَضِيَ اللَّه عَنْهُ) :
الْبَطْشَة الْكُبْرَى يَوْم بَدْر وَأَنَا أَقُول هِيَ يَوْم الْقِيَامَة وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح عَنْهُ وَبِهِ يَقُول الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَعِكْرِمَة فِي أَصَحّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَاَللَّه أَعْلَم.
ويُعرض الناس صفوفاً على ربهم ، فيُريهم أعمالهُم ويسألهُم عنها ، وعن العمر والشباب والمال والعلم والعهد ، وعن النعيم والسمع والبصر والفؤاد ، حتى تثبت ويُقروا بها ، والمؤمن يخلو به الله فيقرره بذنوبه حتى اذا رآه هلك قال له كما في الحديث :
* عن ابن عمر رضي الله عنهما) : (( سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره فيقول أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا فيقول نعم أي ربِ ، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه هلك قال سترتُها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم فيعطى كتاب حسناته وأما الكافر والمنافقون فيقول الأشهاد ( هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين) ) البخاري ومسلم وأحمد وابن ماجة .
* وقال (صلى الله عليه وسلم) : ( لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه ؟ وعن علمه ما عمل به ؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ؟ وعن شبابه فيما أبلاه ) أخرجهُ الهيثمي المكي في الزواجر بسندٍ صحيح .
* عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( يُجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له : أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا ، أكنت تفتدي به ؟ فيقول : نعم ، فيقال له : قد كنت سئلت ما هو أيسر من ذلك ) صحيح البخاري .
* وقال (صلى الله عليه وسلم) : ( يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة : لو أن لك ما في الأرض من شيء أكنت تفتدي به ؟ فيقول : نعم ، فيقول : أردت منك أهون من هذا ، وأنت في صلب آدم : أن لا تشرك بي شيئا ، فأبيت إلا أن تشرك بي ) عن أنس بن مالك ، صحيح البخاري ومسلم .
وهذا مصداق قوله تعالى :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ) الأعراف 172 .
* عن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه ، رجل استشهد . فأتى به فعرفه نعمه فعرفها . قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت . قال : كذبت . ولكنك قاتلت لأن يقال جريء . فقد قيل . ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار . ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن . فأتي به . فعرفه نعمه فعرفها . قال : فما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن . قال : كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم. وقرأت القرآن ليقال هو قارئ . فقد قيل . ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار . ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله . فأتى به فعرفه نعمه فعرفها . قال : فما عملت فيها ؟ قال : ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك . قال : كذبت . ولكنك فعلت ليقال هو جواد . فقد قيل . ثم أمر به فسحب على وجهه . ثم ألقي في النار ) صحيح مسلم – والألباني في صحيح الجامع عن أحمد والنسائي .
* عن عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إن أول ما يحكم بين العباد في الدماء ) صحيح الترمذي والألباني في صحيح الجامع وأحمد شاكر .
* وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إن أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم أن يقال له : ألم نصح لك جسمك ، و نرويك من الماء البارد ؟ ) رواه الترمذي والحاكم والألباني في صحيح الجامع والصحيحة .
* وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته ، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح ، وإن فسدت فقد خاب وخسر ، فإن انتقص من فريضة شيئا ، قال الرب تبارك وتعالى : أنظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما أنتقص من الفريضة ، ثم يكون سائر عمله على ذلك ) الألباني صحيح الترمذي وابن ماجة والنسائي وصحيح الجامع .
* عن عبدالله بن مسعود و أنس بن مالك (رضي الله عنهما) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( لكل غادر لواء يوم القيامة ، قال أحدهما : ينصب ، وقال الآخر : يُرى يوم القيامة ، يعرف به ) صحيح البخاري .
* عن عبدالله بن عمر (رضي الله عنهما) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( من أخذ شيئا من الأرض بغير حقه ، خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين ) صحيح البخاري .
* عن عبدالله بن عباس (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إنكم محشورون حفاة عراة غرلا ، ثم قرأ : { كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين } . وأول من يُكسى يوم القيامة إبراهيم ، وإن أناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول : أصحابي أصحابي ، فيقول : إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ، فأقول كما قال العبد الصالح : { وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم - إلى قوله - الحكيم } ) . صحيح البخاري .
* عن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة ، وعلى وجه آزر قترة وغبرة ، فيقول له إبراهيم : ألم أقل لك لا تعصني ، فيقول أبوه : فاليوم لا أعصيك ، فيقول إبراهيم : يا رب إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون ، فأي خزي أخزى من أبي الأبعد ؟ فيقول الله تعالى : إني حرمت الجنة على الكافرين ، ثم يقال : يا إبراهيم ، ما تحت رجليك ؟ فينظر ، فإذا هو بذيخ متلطخ ، فيُؤخذ بقوائمهِ فيُلقى في النار )صحيح البخاري . بذيخ متلطخ : أي على شكل ضبع بذيء مُتلطخ بدمٍ وقاذورات.
* عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون : لو استشفعنا إلى ربنا ، فيأتون آدم فيقولون : أنت أبو الناس ، خلقك الله بيده ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك أسماء كل شيء ، فاشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا . فيقول : لست هُناكم ، ويذكر ذنبه فيستحي ، ائتونا نوحاً ، فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض . فيأتون فيقول : لست هُناكم ، ويذكر سؤاله ربه ما ليس ليه به علم فيستحي ، فيقول : ائتوا خليل الرحمن . فيأتونه فيقول : لست هُناكم ، ائتوا موسى ، عبداً كلمهُ الله وأعطاه التوراة . فيأتونه فيقول : لست هُناكم ، ويذكر قتل النفس بغير نفسٍ ، فيستحي من ربه فيقول : ائتوا عيسى عبد الله ورسوله، وكلمة الله وروحه . فيقول : لست هُناكم ، ائتوا محمد صلى الله عليه وسلم ، عبداً غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتونني ، فأنطلق حتى أستأذن على ربي فيؤذن لي ، فإذا رأيت ربي وقعت ساجداً ، فيدعني ما شاء الله ، ثم يُقال : ارفع رأسك ، وسل تُعطه ، وقل يُسمع ، واشفعْ تُشفعْ . فأرفعُ رأسي ، فأحمدهُ بتحميدٍ يُعلمنيهِ ، ثمَّ أشفعْ ، فيَحدُ لي حداً فأُدخلهم الجنّة ، ثم أعودُ إليهِ ، فإذا رأيت ربي ، مثله ، ثم أشفع فيحدُ لي حداً فأُدخلهُم الجنّة ، ثم أعودُ الرابعة فأقول : ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن ، ووجب عليه الخلود )صحيح البخاري .
* عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( يُدعى نوحٌ يومَ القيامةِ ، فيقولُ : لبيكَ وسعديكَ يا ربْ ، فيقول : هل بلغتْ ؟ فيقول : نعمْ ، فيُقال لأمتهِ : هلْ بلغكُمْ ؟ فيقولونَ : ما أتانا من نذيرٍ ، فيقول : منْ يشهدُ لكَ ؟ فيقول : محمدٌ وأمتهُ ، فيشهدونَ أنهُ قد بلغْ : { ويكونُ الرسول عليكم شهيدا } . فذلك قوله جل ذكره : { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } . والوسط العدل ) . صحيح البخاري .
أي نحن عدول يا أمة محمد ، وشهادتنا غير مجروحة يوم القيامة، بل نحن الشُهداء الوحيدون على الأمم يا من تـُوحدون الله عز وجل ، فأي كرامة لهذه الأمة أعظمُ وأفضلُ من ذلك .... ؟؟
وهذا مشهدٌ آخرٌ من مشاهد يوم الحساب : ـ
* عن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مُثل لهُ مالهُ شُجاعاً أقرع ، له زبيبتان ، يُطوقه يوم القيامة ، يأخذ بلُهزُمَتيه - يعني بشدقيه - يقول : أنا مالك أنا كنزك . ثم تلا هذه الآية : { ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله } . إلى آخر الآية ) صحيح البخاري .
* عن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( أخنى الأسماء يوم القيامة عند الله رجل تسمى ملك الأملاك ) . صحيح البخاري .
أي أقبح وأسوأ الأسماء ملك الأملاك أو شاهٍ شاه أو ملك الملوك ، فملك الملوك هو الله جل جلاله ، وتقدست أسمائه .
* عن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( قال الله : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثم غدر ، ورجل باع حراً فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره ) . صحيح البخاري .
فاتقوا الله يا من تُـعاهدون بالله وتغدرون ، وتستأجرون الأجراء والعمال وتأكلون حقوقهم ... !! .
* عن عبد الله بن عمر(رضي الله عنهما) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( بينما رجل يجرُ إزاره من الخُيلاء خُسف بهِ ، فهو يتجلجلُ في الأرضِ إلى يوم القيامة ) صحيح البخاري .
* عن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( ما من مكّلومٍ يُكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكّلْمُهُ يَدمي ، اللونُ لونُ دمْ ، والريحُ ريحُ مسكْ ) صحيح البخاري .
* عن أبي مالك الأشعري (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( ليكونن من أمتي أقوام ، يستحلونَ الحرَ والحريرَ ، والخمرَ والمعازفَ ، ولينزلن أقوام إلى جنب علم (جبل)، يروح عليهم بسارحة لهم(غنم) ، يأتيهم - يعني الفقير - لحاجة فيقولوا : ارجعْ إلينا غداً ، فيُبيتهُم الله ، ويضعُ العلمَ ، ويَمسخُ آخرينَ قردةً وخنازير إلى يوم القيامة ) صحيح البخاري .والحر : الزنى .
* عن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة ، لا يزن عند الله جناح بعوضة . وقال : اقرؤوا إن شئتم : { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } ) صحيح البخاري .
* عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( يقول الله عز وجل يوم القيامة : يا آدم ، يقول : لبيك ربنا وسعديك ، فيُنادى بصوت : إن الله يأمرك أن تُخرج من ذريتك بعثاً إلى النار ، قال : يارب وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف - أراه قال - تسعمائة وتسعة وتسعين ، فحينئذ تضع الحامل حملها ، ويشيب الوليد ، ( وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ) . فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعين ومنكم واحد ، ثم أنتم في الناس كالشعرة السوداء في جنب الثور الأبيض ، أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود ، وإني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة . فكبرنا ، ثم قال : ثلث أهل الجنة . فكبرنا ، ثم قال : شطر أهل الجنة . فكبرنا ) صحيح البخاري .
أي نصفُ أهل الجنة بالنسبةِ إلى جميع الأمم التي سبقتنا وهي 69 أمة.
* عن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون )صحيح البخاري .
* عن عبد الله بن عمر(رضي الله عنهما) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة ، يقال لهم : أحيوا ما خلقتم ) صحيح البخاري .
* عن عبدالله بن عباس (رضي الله عنهما) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( من صور صورة في الدنيا كُلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح ، وليس بنافخ ) صحيح البخاري .
* عن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( تجد من شرار الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين ، الذي يأتي هؤلاء بوجه ، وهؤلاء بوجه )صحيح البخاري .
* عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( من كان ذا لسانين ؛ جعل الله له يوم القيامة لسانين من نار )الألباني - صحيح الترغيب .
* عن سمرة بن جندب (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( رأيت رجلين أتياني ، قالا : الذي رأيته يشق شدقه فكذاب ، يكذب بالكذبة تحمل عنه حتى تبلغ الآفاق ، فيصنع به إلى يوم القيامة )صحيح البخاري .
* عن عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء ، ومن يتخذ القبور مساجد . وفي لفظ : والذين يتخذون قبورهم مساجد ) ابن تيمية شرح العمدة (الصلاة) بسندٍ صحيح والألباني في تحذير الساجد .
* وعن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إنه ليخفف عن المؤمن حتى يكون أخف عليه من الصلاة المكتوبة في الدنيا ـ يعني يوم الحساب - ) حسن رواه ابن القطان في الوهم والإيهام .
* عن عمرو بن الحارث بن المصطلق عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( أشدُّ الناس عذاباً يوم القيامة اثنان : امرأة عصت زوجها ، وإمامُ قومٍ وهُم لهُ كارهون ) شرح سنن الترمذي وصححه أحمد شاكر وصححه الألباني .
* عن عائشة (رضي الله عنها) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إنَّ أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون الله في خلقه )صحيح النسائي وصححه الألباني .
* عن خالد بن الوليد (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة أشدهم عذاباً للناس في الدنيا ) الألباني في السلسلة الصحيحة وفي صحيح الجامع .
* عن عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل قتله نبي أو قتل نبيا وإمام ضلالة وممثل من الممثلين ) صححه أحمد شاكر وفي مسند أحمد الألباني في السلسلة الصحيحة .
* عن عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل قتل نبياً أو قتله نبي ، أو رجل يضل الناس بغير علم ، أو مصور يصور التماثيل ) حسنه الألباني في صحيح الجامع .
* ولي ملاحظة هنا على جملة (أشد الناس عذاباً ) وذكر في الأحاديث أنواع كثيرة ، أيّ كل هذه الأصناف هي تقع تحت بند من (أشد الناس عذاباً ).
وهذا مشهدٌ آخرٌ من مشاهد يوم الحساب ، وهو تقريعٌ للكفار والمنافقين بعدم سجودهم لله في الحياة الدنيا :
قال تعالى :( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ )القلم 42 .
يصبح ظهر الكافر والمنافق طبقاً واحداً فلا يستطيع السجود ، بيدَ أنه كان يستطيعه في الدنيا .
ومما ينفع المسلم يوم الحساب ويزيدُ في ميزانه ويصله بعد موته :
* عن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( أربع من عمل الأحياء يجري للأموات : رجل ترك عقباً صالحا فيدعو ، فيبلغه دعاؤهم . ورجل تصدق بصدقة جارية ، له من بعده أجرها ما جرت . ورجل علم علماً يعمل به من بعده ، فله مثل أجر من عمل به ؛ من غير أن ينتقص من [ أجر ] عمله شيئا . ورجل مرابط ينمى له عمله إلى يوم الحساب ) الألباني في السلسلة الصحيحة حسن لغيره .
* عن عائشة (رضي الله عنها) عن :( ربيع الجرشي قال: سألت عائشة فقلت : ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا قام من الليل وبم كان يستفتح ؟ قالت : كان يُكبر عشراً ويحمد عشراً ويسبح عشراً ويهلل عشراً ويستغفر عشرا ويقول : اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني عشراً ، ويقول : اللهم إني أعوذُ بكَ من الضيقِ يومِ الحساب ) إسناده صحيح ، الألباني في صفة الصلاة .
ومما يفتدي بهِ المسلم نفسهُ يومَ القيامة ، بمنِّ اللهِ وكرمهِ أن جعلَ فكاكَ وفداءً للمسلم ، واحدٌ من المشركين ككبش فداء من النار :
* عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إن هذه الأمه أمة مرحومة ، عذابها بأيديها ، فإذا كان يوم القيامة دفع إلى كل رجل من المسلمين رجل من المشركين ، فيقال : هذا فداؤك من النار ) صحيح ، رواه ابن ماجه وصححه الألباني في صحيح الجامع والسلسلة الصحيحة.
* عن سمرة بن جندب (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( رأيت الليلة رجلين أتياني ، فأخرجاني إلى أرض مقدسة ، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دمٍ ، فيه رجلٌ قائمٌ، وعلى وسط النهر رجل ، بين يديه حجارة ، فأقبل الرجل الذي في النهر ، فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه، فرده حيث كان ، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر ، فيرجع كما كان ، فقلت : ما هذا ؟ . فقال : الذي رأيته في النهر آكلُ الربا ) صحيح البخاري .
ومشهدٌ آخرٌ لآكل الربا كما وصفه الله عز وجل في الآية التالية :
( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة 275 .
* عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( تكون الأرض يوم القيامة خبزةً واحدةً ، يتكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر ، نزلاً لأهل الجنة . فأتى رجل من اليهود فقال : باركَ الرحمنُ عليك يا أبا القاسم ، ألا أخبرك بُنزل أهلِ الجنةِ يومَ القيامة ؟ قال : بلى . قال : تكون الأرض خبزة واحدة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلينا ثم ضحك حتى بدت نواجذه ، ثم قال : ألا أخبرك بإدامهم ؟ قال : إدامهم بالام ونون ، قالوا : وما هذا ؟ قال : ثور ونون ، يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفاً ) صحيح البخاري .
* عن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعا ، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم ) صحيح البخاري .
* عن عائشة (رضي الله عنها) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك . فقلت : يا رسول الله ، أليس قد قال الله تعالى : { فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا } . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما ذلك العرض ، وليس أحد يُناقش الحساب يوم القيامة إلا عُذب ) صحيح البخاري .
* عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( يُجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له : أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا ، أكنت تفتدي به ؟ فيقول : نعم ، فيقال له : قد كنت سئلت ما هو أيسر من ذلك ) صحيح البخاري .
* وقال (صلى الله عليه وسلم) : ( يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة : لو أن لك ما في الأرض من شيء أكنت تفتدي به ؟ فيقول : نعم ، فيقول : أردت منك أهون من هذا ، وأنت في صلب آدم : أن لا تشرك بي شيئا ، فأبيت إلا أن تشرك بي ) عن أنس بن مالك ، صحيح البخاري ومسلم .
* عن عدي بن حاتم الطائي (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( ما منكم من أحد إلا وسيكلمه الله يوم القيامة ، ليس بين الله وبينه ترجمان ، ثم ينظر فلا يرى شيئا قدامه ، ثم ينظر بين يديه فتستقبله النار ، فمن استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق تمرة . قال الأعمش : حدثني عمرو ، عن خيثمة ، عن عدي بن حاتم قال : قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : اتقوا النار. ثم أعرض وأشاح ، ثم قال : اتقوا النار . ثم أعرض وأشاح ثلاثا ، حتى ظننا أنه ينظر إليها ، ثم قال : اتقوا النار ولو بشق تمرة ، فمن لم يجد فبكلمة طيبة ) صحيح البخاري .
* عن النعمان بن بشير (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لرجل ، توضع في أخمص قدميه جمرة ، يغلي منها دماغه ) صحيح البخاري . ومنهم أبو طالب .
* وعن عبد الله بن عمر(رضي الله عنهما)أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( المسلم أخو المسلم ، لا يظلمهُ ولا يُسلمه ، ومن كان في حاجة أخيهِ كان اللهُ في حاجتهِ ، ومن فرَّجَ عن مسلمٍ كُربةً فرَّجَ اللهُ عنهُ كُربةً من كُرباتِ يومِ القيامة ، ومن سَترَ مُسلماً سترهُ اللهُ يومَ القيامة ) صحيح البخاري .
فاحرص يا عبد الله على تفريج كربات المسلمين ، واحذر من كشف وفضح وتتبعَ عوراتهم ، بل احرص على سترهم ، حتى يسترك الله يوم لا سِترَ إلا سِتره .
* وعن عائشة (رضي الله عنها) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما رآه قال : ( بئس أخو العشيرة ، وبئس ابن العشيرة ) . فلما جلس تطلق النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسط إليه ، فلما انطلق الرجل قالت عائشة : يا رسول الله ، حين رأيت الرجل قلت له كذا وكذا ، ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا عائشة ، متى عهدتني فحاشاً ، إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره ) صحيح البخاري .
* عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال : ( غدا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ( لن يوافي عبد يوم القيامة ، يقول : لا إله إلا الله ، يبتغي بها وجه الله ، إلا حرم الله عليه النار ) صحيح البخاري.
* ( قيل لأسامة بن زيد (رضي الله عنه) : ( لو أتيت فلانا فكلمته ، قال : إنكم لترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم ، إني أكلمه في السر ، دون أن أفتح بابا لا أكون من فتحه ، ولا أقول لرجل إن كان علي أميرا : إنه خير الناس ، بعد شيء سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، قالوا : وما سمعته يقول : قال : سمعته يقول : يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار ، فتندلق أقتابه في النار ، فيدور كما يدور الحمار برحاه ، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون : أي فلانا ما شأنك ؟ أليس كنت تأمرننا بالمعروف وتنهانا عن المنكر ؟ قال : كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه ، وأنهاكم عن المنكر وآتيه )صحيح البخاري .
وهذه مشاهدٌ آخرى من مشاهد يوم الحساب :
* عن عبدالله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا ، كل سجل مثل مد البصر ثم يقول : أتنكر من هذا شيئا ؟ أظلمك كتبتي الحافظون ؟ يقول : لا يا رب . فيقول : أفلك عذر ؟ فيقول : لا يا رب ، فيقول : بلى إن لك عندنا حسنة وإنه لا ظلم عليك اليوم ، فيخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فيقول : احضر وزنك ، فيقول : يا رب ما هذه البطاقة ما هذه السجلات ؟ فقال فإنك لا تظلم . قال : فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ، ولا يثقل مع اسم الله شيء ) صحيح رواه الترمذي وأحمد وصححه الألباني وأحمد شاكر .
*عن عبد الله (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من رجل له مال ، لا يؤدي حق ماله ، إلا جعل له طوقا في عنقه ، شجاع أقرع ، وهو يفر منه ، وهو يتبعه . ثم قرأ مصداقه من كتاب الله عز وجل { ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة } الآية )صحيح النسائي ، وصححه الألباني .
* وعن جابر بن عبدالله (رضي الله عنهما) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي حقها ، إلا وقف لها يوم القيامة بقاع قرقر ، تطؤه ذات الأظلاف بأظلافها ، وتنطحه ذات القرون بقرونها ، ليس فيها يومئذ جماء ولا مكسورة القرن . قلنا : يا رسول الله وماذا حقها ؟ قال : إطراق فحلها ، وإعارة دلوها ، وحمل عليها في سبيل الله ، ولا صاحب مال لا يؤدي حقه إلا يخيل له يوم القيامة شجاع أقرع يفر منه صاحبه ، وهو يتبعه يقول له : هذا كنزك الذي كنت تبخل به ، فإذا رأى أنه لابد له منه ، أدخل يده في فيه فجعل يقضمها كما يقضم الفحل ) . صحيح النسائي ، وصححه الألباني
* عن ثوبان مولى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( من ترك بعده كنزا ؛ مثل له شجاع أقرع يوم القيامة ، له زبيبتان يتبعه فيقول : من أنت ؟ ! فيقول : أنا كنزك الذي خلفت [ بعدك ] ، فلا يزال يتبعه حتى يلقمه يده فيقضمها ، ثم يتبعه سائر جسده ) صحيح ـ الألباني - صحيح الموارد .
11 ـ تطـــــــاير الصحـــــــــف :
ثم تتطاير الصحف فيأخذون كتاباً لا يغادرُ صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ،
قال تعالى : ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ) الكهف 49 .
* وربٌ يُحاسبُ بالذرةِ والنقيرِ والفتيلِ والقطمير ، فهو ربٌ لا يظلمُ مثقالَ ذرةٍ ولا نقيراً ولا فتيلاً ، فسبحانهُ وتعالى ما أعدلهُ من إله .
* وقال تعالى : ( يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ) الإسراء 71 .والْفَتِيل هُوَ : الْخَيْط الْرفيع فِي شَقّ النَّوَاة .
* وقال تعالى : ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ) النساء 124 .
* والنَّقِير هُوَ : النُّقْرَة الَّتِي فِي ظَهْر نَوَاة التَّمْرَة والْفَتِيل وَهُوَ الْخَيْط الَّذِي فِي شَقّ النَّوَاة وَهَذَا النَّقِير وَهُمَا فِي نَوَاة التَّمْرَة .
* وقال تعالى : ( .... ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ) فاطر 13 .
* وَالْقِطْمِير هُوَ : اللِّفَافَة الَّتِي عَلَى نَوَاة التَّمْرَة .
* وقال تعالى : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) الزلزلة 7 ـ 8 .
* والمؤمن آخذٌ كتابهُ بيمينهِ ، والكافرُ والمنافقُ بشمالهِ ومن وراء ظهره ، وهذا عندما يرى الكُفار آخذين كتبهم بشمائلهم ، فيضع يده الشمال خلف ظهره ليأخذ كتابه باليمين ، فيُعطى كتابه من وراء ظهرة أيضاً بالشمال ، فلا تحايل في هذا الموقف .
* وقال تعالى : ( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ) الإنشقاق 10 .
* وقال تعالى : ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إنّي ظننتُ أني مُلاقٍ حسابيه * فهو في عيشةٍ راضية )الحاقة 19ـ 21 .
فرحٌ بما قدم ، مسرورٌ بكتابهِ ، يُريد أن يُقرءهُ لكل الخلائق ، ويقول إنني كنتُ متيقناً من أنني سألاقي حسابي يوم القيامة ، أيّ مُصدقاً باليوم الآخر ، فما النتيجة ؟؟ ( فهو في عيشةٍ راضية * في جنةٍ عالية * قطوفها دانية * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ) 21ـ 24 الحاقة .
* وقال تعالى : ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ) الإنشقاق 7 .
* وقال تعالى : ( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * ولم أدري ما حِسابيه * يا ليتها كانت القاضية * مآ أغنى عنّي ماليه * هلكَ عنّي سُلطانيه * خُذوهُ فغُلوُه * ثمَّ الجحيمَ صلُوُه )الحاقة 25 ـ 31.
فشتان ما بين الموقفين الأول والثاني ... !!
12 ـ المـــــــــــــــــــــــيزان :
قال تعالى : ( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ) الأعراف 88 ـ 9 .
وقال تعالى : ( وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ) المؤمنون 103 .
ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَمَّا يَئُول آلَيْهِ عَمَل الْعَامِلِينَ وَمَا يَصِيرُونَ إِلَيْهِ مِنْ الْكَرَامَة وَالْإِهَانَة بِحَسَبِ أَعْمَاله فَقَالَ : ( فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ) أَيْ رَجَحَتْ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ . ( فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ) يَعْنِي في الجنة ( وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ) أَيْ رَجَحَتْ سَيِّئَاتُهُ عَلَى حَسَنَاتِهِ . ( فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ) أيْ في جهنم .
* ثم توزن أعمال الخلق ليجازيهم عليها، بميزان حقيقي دقيق له كفتان ، تُثقله الأعمال الموافقة للشرع الخالصة لله ، ومما يثقله : ( لا إله إلا الله .. ) فلا يعدلها شيءٌ في الميزان ، وُحسن الخلق ، والذكر : كالحمد لله ، وسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ، ويتقاضى الناس بحسناتهم وسيئاتهم ، فيومها لا دينار ولا درهم غير الحسنات والسيئات .
قال تعالى : ( الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) غافر 17 .
* ومما يُثقل موازينك يا عبد الله يوم القيامة ، التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير :
* عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أخبرك بأحبِ الكلامِ إلى الله ؟ قال : قلت : يا رسول الله أخبرني بأحب الكلام إلى الله . فقال : إن أحب الكلام إلى الله : سبحان الله وبحمده ). رواه مسلم وأحمد والترمذي .
* وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الطهور شطر الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماوات والأرض ، والصلاة نور ، والصدقة برهان ، والصبر ضياء ، والقرآن حجة لك أو عليك ، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ). رواه مسلم ،الترمذي ،ابن ماجه، أحمد ،الدارمي .
* وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ). رواه البخاري ، مسلم ، الترمذي ، ابن ماجه ، أحمد .
* وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال :( كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة ؟ فسأله سائل من جلسائه : كيف يكسب أحدنا ألف حسنة ؟ قال : يسبح مائة تسبيحة ، فيكتب له ألف حسنة، أو يحط عنه ألف خطيئة ) صحيح مسلم والترمذي و أحمد .
* وعن أبي ذر الغفاري(رضي الله عنه) قال : ( قلت يا رسول الله كيف علمت أنك نبي حتى استيقنت ، فقال : يا أبا ذر أتاني ملكان وأنا ببعض بطحاء مكة فوقع أحدهما على الأرض وكان الآخر بين السماء والأرض فقال أحدهما لصاحبه أهو هو؟ قال : نعم قال فزنه برجل فوزنت به فوزنته ثم قال فزنه بعشرة فوزنت بهم فرجحتهم ثم قال زنه بمائة فوزنت بهم فرجحتهم ثم قال زنه بألف فوزنت بهم فرجحتهم كأني أنظر إليهم ينتثرون علي من خفة الميزان قال : فقال أحدهما لصاحبه لو وزنته بأمته لرجحها )سنن الدارمي . والألباني في تخريج مشكاة المصابيح 5705 . رجاله ثقات معروفون غير جعفر بن عثمان القرشي، والهيثمي في مجمع الزوائد .
* فصلوات ربي وسلامهُ عليك يا حبيبي يا رسول الله ، وجزاكَ اللهُ خيرَ ما جزى بهِ نبيّ عن أمته .
* وعن عبد الله بن عمرو(رضي الله عنهما) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( خصلتان أو خلتان لا يحافظ عليهما رجل مسلم إلا دخل الجنة هما يسير ومن يعمل بهما قليل تسبح الله عشرا وتحمد الله عشرا وتكبر الله عشرا في دبر كل صلاة فذلك مائة وخمسون باللسان وألف وخمسمائة في الميزان وتسبح ثلاثا وثلاثين وتحمد ثلاثا وثلاثين وتكبر أربعا وثلاثين إذا أخذ مضجعه فذلك مائة باللسان وألف في الميزان فأيكم يعمل في اليوم ألفين وخمسمائة سيئة ؟ قالوا يا رسول الله كيف هما يسير ومن يعمل بهما قليل ؟ قال يأتي أحدكم
في الخميس مارس 31, 2011 3:18 am
من طرف الشيخ جميل لافي
تابــــــع الجزء الثالث 3 >>>>>>>>>
* فصلوات ربي وسلامهُ عليك يا حبيبي يا رسول الله ، وجزاكَ اللهُ خيرَ ما جزى بهِ نبيّ عن أمته .
* وعن عبد الله بن عمرو(رضي الله عنهما) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( خصلتان أو خلتان لا يحافظ عليهما رجل مسلم إلا دخل الجنة هما يسير ومن يعمل بهما قليل تسبح الله عشرا وتحمد الله عشرا وتكبر الله عشرا في دبر كل صلاة فذلك مائة وخمسون باللسان وألف وخمسمائة في الميزان وتسبح ثلاثا وثلاثين وتحمد ثلاثا وثلاثين وتكبر أربعا وثلاثين إذا أخذ مضجعه فذلك مائة باللسان وألف في الميزان فأيكم يعمل في اليوم ألفين وخمسمائة سيئة ؟ قالوا يا رسول الله كيف هما يسير ومن يعمل بهما قليل ؟ قال يأتي أحدكم الشيطان إذا فرغ من صلاته فيذكره حاجة كذا وكذا فيقوم ولا يقولها فإذا اضطجع يأتيه الشيطان فينومه قبل أن يقولها فلقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعقدهن في يده )
رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي وأحمد وصححه الألباني والعلامة أحمد شاكر واللفظ لأحمد .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
وإلى اللقاء مع المحطات القادمة :
13 ـ الحوض 14 ـ إمتحان المؤمنين15ـ الصراط 16 ـ النار 17 ـ القنطرة18ـ الجنة.
فأرجو الله تعالى أن تكونوا استمتعتم بهذا العرض ، وهيأتم أنفسكم لهذه الرحلة وحضرتم الزاد لها .
* والحمد لله رب العالمين *
هذا والله أعلى وأجل وأعلم .
فإن كان من حقٍ وصوابٍ ، فمن الله وحده ، وإن كان من خطأٍ أو سهوٍ أو نسيان فمني ومن الشيطان .
الشيخ جميل لافي
الأربعاء 30 / 3/ 2011 م
25 / ربيع الثاني / 1432 هـ
.
في الثلاثاء يناير 31, 2012 6:14 pm
من طرف الشيخ جميل لافي
هذا السؤال طُرح عليَّ في صفحة الأسئلة ( في الفيس بوك )
العبد التائب :
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اريد من حضرتك ياشيخ جميل اجابه علي سؤالي هذا (اريد ان اعرف هل هناك كتب تتكلم عن المرحله الثانيه للإنسان اقصد هي مرحله مابعد الموت وهي تبدأ منذ ان يدفن المرء إلي ان يدخل الجنه او النار وماهو نعيم اهل الجنه وما هو نعيم اهل النار )
أعجبني · · إلغاء متابعة المنشور · 27 يناير في 01:23 مساءً عبر الهاتف المحمول
Ashrf Bshr , الحامده لله و محمود عودة معجبون بهذا
الشيخ جميل لافي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نعم هناك الكثير من الكتب الصحيحة بهذا الشأن ، ومنها ما فيه من الكذب والأحاديث الموضوعة والضعيفة ، وقد كتبت في هذا الباب بحثاً جمعت فيه ما صح فقط ، وسميته : (( رحلة الإنسان من بداية خلقهِ وتكوينه في بطن أمه ، وحتى يدخل الجنة أو التار ))
وهذا رابطه ، بإمكانك الرجوع إليه والإستفادة منه :
http://dawayima.own0.com/t9034-topic
رحلة الإنسان من بداية خلقه وتكوينه وحتى دخوله الجنة أو النار .
dawayima.own0.com
بسم الله الرحمن الرحيم رحلة الإنسان من بداية خلقه وتكوينه ، وحتى دخولهِ الجنة أ...
مشاهدة المزيد
منذ 21 ساعة · أعجبني ·
العبد التائب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المقال جميل جدا وينقصه 13 ـ الحوض 14 ـ إمتحان المؤمنين 15ـ الصراط 16 ـ النار 17 ـ القنطرة 18ـ الجنة.
فأرجوا ان تكمله يا شيخ
منذ 12 ساعة · أعجبني · 1
الشيخ جميل لافي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أتعلم يا أخي أن البحث كتبته قبل عام تقريباً ، وعدد الزوار والقراء لهذا البحث وصل إلى (( 604 ))
ولم يُطلب مني تكملة الموضوع إلا أنت ... !!
وأنا تعمدت في هذا الموضوع بالذات عدم تنزيل الجزء الأخير ، حتى يُطاب مني تنزيله ، ولي في ذلك غاية وهدف ،،،
وهو أن معاشر المسلمين في هذا الزمن من أمة إقرأ ،،، لا تقرأ ، فقط ينظرون إلى العنوان ويمروا عليه مرّ الكرام ، وبتمتة بسيطة ، ثم يقولوا موضوع جميل ورائع ،
(( يعطيك العافية )) ..... !!
فقررت أن لا أضيف الجزء الأخير حتى أرى متى يُطلب مني إضافته ،،،،،
فكنت أنت الذي طلب مني ذلك بعد مُضي عام .... !!
فلا حول ولا قوة إلا بالله ... والله المستعان .....
يا أخي صدقني عندما أضع في رأسي فكرة بحث أو موضوع ، ولا أختار إلا الشيق والجديد والسهل الممتنع ، وبطريقة الإيجاز قدر الإمكان ، وتحبيب القراءة للموضوع من إضافة ألوان وفقرات ملونه وبخط كبير حتى أشجع القارئ على القراءة ، إلا أن النتيجة كما سمعت الأن ورأيت ... !!
فنحن أمة إقرأ ، للأسف لا تقرأ ...... !!
وأبشر سأضيف الجزء الأخير بإذن الله تعالى ....
الشيخ جميل لافي
31 / 1 / 2012
مالعبد التائب :
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اريد من حضرتك ياشيخ جميل اجابه علي سؤالي هذا (اريد ان اعرف هل هناك كتب تتكلم عن المرحله الثانيه للإنسان اقصد هي مرحله مابعد الموت وهي تبدأ منذ ان يدفن المرء إلي ان يدخل الجنه او النار وماهو نعيم اهل الجنه وما هو نعيم اهل النار )
أعجبني · · إلغاء متابعة المنشور · 27 يناير في 01:23 مساءً عبر الهاتف المحمول
Ashrf Bshr , الحامده لله و محمود عودة معجبون بهذا
الشيخ جميل لافي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نعم هناك الكثير من الكتب الصحيحة بهذا الشأن ، ومنها ما فيه من الكذب والأحاديث الموضوعة والضعيفة ، وقد كتبت في هذا الباب بحثاً جمعت فيه ما صح فقط ، وسميته : (( رحلة الإنسان من بداية خلقهِ وتكوينه في بطن أمه ، وحتى يدخل الجنة أو التار ))
وهذا رابطه ، بإمكانك الرجوع إليه والإستفادة منه :
http://dawayima.own0.com/t9034-topic
رحلة الإنسان من بداية خلقه وتكوينه وحتى دخوله الجنة أو النار .
dawayima.own0.com
بسم الله الرحمن الرحيم رحلة الإنسان من بداية خلقه وتكوينه ، وحتى دخولهِ الجنة أ...
مشاهدة المزيد
منذ 21 ساعة · أعجبني ·
العبد التائب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المقال جميل جدا وينقصه 13 ـ الحوض 14 ـ إمتحان المؤمنين 15ـ الصراط 16 ـ النار 17 ـ القنطرة 18ـ الجنة.
فأرجوا ان تكمله يا شيخ
منذ 12 ساعة · أعجبني · 1
الشيخ جميل لافي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أتعلم يا أخي أن البحث كتبته قبل عام تقريباً ، وعدد الزوار والقراء لهذا البحث وصل إلى (( 604 ))
ولم يُطلب مني تكملة الموضوع إلا أنت ... !!
وأنا تعمدت في هذا الموضوع بالذات عدم تنزيل الجزء الأخير ، حتى يُطاب مني تنزيله ، ولي في ذلك غاية وهدف ،،،
وهو أن معاشر المسلمين في هذا الزمن من أمة إقرأ ،،، لا تقرأ ، فقط ينظرون إلى العنوان ويمروا عليه مرّ الكرام ، وبتمتة بسيطة ، ثم يقولوا موضوع جميل ورائع ،
(( يعطيك العافية )) ..... !!
فقررت أن لا أضيف الجزء الأخير حتى أرى متى يُطلب مني إضافته ،،،،،
فكنت أنت الذي طلب مني ذلك بعد مُضي عام .... !!
فلا حول ولا قوة إلا بالله ... والله المستعان .....
يا أخي صدقني عندما أضع في رأسي فكرة بحث أو موضوع ، ولا أختار إلا الشيق والجديد والسهل الممتنع ، وبطريقة الإيجاز قدر الإمكان ، وتحبيب القراءة للموضوع من إضافة ألوان وفقرات ملونه وبخط كبير حتى أشجع القارئ على القراءة ، إلا أن النتيجة كما سمعت الأن ورأيت ... !!
فنحن أمة إقرأ ، للأسف لا تقرأ ...... !!
وأبشر سأضيف الجزء الأخير بإذن الله تعالى ....
الشيخ جميل لافي
31 / 1 / 2012
في الخميس فبراير 02, 2012 5:05 pm
من طرف الشيخ جميل لافي
تابــــــع الجزء الرابع 4 >>>>>>>>>
13 ـ الحوض 14 ـ إمتحان المؤمنين 15ـ الصراط 16 ـ النار 17 ـ القنطرة 18ـ الجنة.
13 ـ الحـــــــــــــــــــــــوض :
ثمَ يرِد المؤمنون الحوض ، من شرب منه لا يظمأ بعده أبداً، ولكلِ نبيٍ حوض ، أعظمها لمحمدٍ (صلى الله عليه وسلم) : ( ماؤه أبيض من اللبن وأحلى من العسل وأطيب من المسك) .
* عن عبد الله بن عمر(رضي الله عنهما) عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : ( حوضي كما بين عدن وعمان أبرد من الثلج وأحلى من العسل وأطيب ريحا من المسك أكوابه مثل نجوم السماء من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً ، أول الناس عليه ورودا صعاليك المهاجرين قال قائل : ومن هم يا رسول الله ؟ قال الشعثة رءوسهم الشحبة وجوههم الدنسة ثيابهم لا يفتح لهم السدد ، ولا ينكحون المتنعمات الذين يعطون كل الذي عليهم ، ولا يأخذون الذي لهم ) مسند أحمد ، وصححهُ العلامة أحمد شاكر.
* وعن عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) قال ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( أنا فرطكم على الحوض ، وليرفعن رجال منكم ثم ليختلجن دوني ( أي يُحجزوا عنه ) ، فأقول : يا رب أصحابي ؟ فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ) صحيح البخاري .
* وعن سهل بن سعد الساعدي(رضي الله عنه) قال ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( إني فرطكم على الحوض، من مر علي شرب ، ومن شرب لم يظمأ أبدا ، ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني ، ثم يُحال بيني وبينهم فأقول : إنهم مني، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول : سُحقاً سُحقاً لمن غير بعدي ) صحيح البخاري .
* وعن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال ، قال النبي (صلى الله عليه وسلم) للأنصار : ( إنكم ستلقون بعدي أثرة ، فاصبروا حتى تلقوني ، وموعدكم الحوض )صحيح البخاري .
* اللهم إسقنا من حوض نبيك (صلى الله عليه وسلم) شربةً لا نظمأ بعدها أبداً ، وأوردنا حوضهُ ، ولا تجعلنا ممن يُحالُ بينهم وبين حوضه ، يا ربَّ الأولين والأخرين .
14 ـ امتحـــــان المؤمنـــــــــين :
في آخر يوم من الحشر يتبع الكفار آلهتهُم التي عبدوها ، فتوصلهم إلى النار جماعات كقطعان الماشية على أرجلهم أو على وجوههم ، ولا يبقى إلا المُؤمنون والمنافقون ، فيأتيهم الله فيقول : ( ماذا تنتظرون ) ؟ فيقولوا : ( ننتظرُ ربنا ) ، فيعرفونه بساقهِ إذا كشفها ، فيخرون سجداً إلا المُنافقين ، قال تعالى : ( يوم يُكشفُ عن ساقٍ وُيدعونَ إلى السجودِ فلا يستطيعون ) ، ثم يتبعونه فيـُنصبُ الصراط ، ويعطونَ النور، كلٌ على قدر أعمالهُم ، ويُطفأ نور المنافقين ، فيُقال لهم : ( يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَآءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لهُ بابٌ باطنُهُ فيهِ الرحمّةُ وظاهرُهُ من قِبلهِ العذاب * يُنادوُنَهُم لأام نكُن معكُم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسَكُم وارتبتم وغرتكم الأمانيُّ حتى جآءَ أمرُ اللهِ وغركُم باللهِ الغرور) الحديد 133 ـ 14
* عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال : ( أن أناسا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : ( نعم ، هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة ، ضوء ليس فيها سحاب ) . قالوا : لا ، قال : ( وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ، ضوء ليس فيها سحاب ) .
قالوا : لا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما تضارون في رؤية الله عز وجل يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما ، إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن : تتبع كل أمة ما كانت تعبد ، فلا يبقى من كان يعبد غير الله من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار . حتى إذا لم يبقى إلا من كان يعبد الله ، بر أو فاجر ، وغبرات أهل الكتاب ، فيدعى اليهود ، فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ قالوا : كنا نعبد عزيرا ابن الله ، فيقال لهم : كذبتم ، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ، فماذا تبغون ؟ فقالوا : عطشنا ربنا فاسقنا ، فيشار : ألا تردون ؟ فيحشرون إلى النار ، كأنها سراب يحطم بعضهاً بعضاً ، فيتساقطون في النار . ثم يدعى النصارى فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ قالوا : كنا نعبد المسيح ابن الله ، فيقال لهم : كذبتم ، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ، فيقال لهم : ما تبغون ؟ فكذلك مثل الأول . حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله ، من بر أو فاجر ، أتاهم رب العالمين في أدنى صورة من التي رأوه فيها ، فيقال : ماذا تنتظرون ، تتبع كل أمة ما كانت تعبد ، قالوا : فارقنا الناس في الدنيا على أفقر ما كنا إليهم لم نصاحبهم ، ونحن ننتظر ربنا الذي كنا نعبد ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : لا نشرك بالله شيئا ) . مرتين أو ثلاثا . صحيح البخاري .
15 ـ الصـــــــــــــــــــراط :
جسرٌ ممدودٌ على جهنم ليعبر المؤمنون عليه إلى الجنة ، وصفه (صلى الله عليه وسلم) بأنه : ( مدحضةً مزلة ، عليه خطاطيفٌ وكلاليبٌ ، كشوك السعدان ، أدقُ من الشعرةِ وأحدُ من السيف ) رواه مسلم .
قال تعالى : ( ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا * وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ) مريم 70 ـ 72 .
يظن البعض أن كل إنسان سيدخل النار ، كما في الآية السابقة، ومعنى الآية هو : المرور من فوقها على الصراط الموصوف في الأحاديث ، وليس الورورد بمعنى الدخول .
* وعن عائشة قالت : ( قلت يا رسول الله هل يذكر الحبيب حبيبه يوم القيامة قال : يا عائشة أما عند ثلاث فلا أما عند الميزان حتى يثقل أو يخف فلا وأما عند تطاير الكتب فإما أن يعطى بيمينه أو يعطى بشماله فلا وحين يخرج عنق من النار فينطوي عليهم ويتغيظ عليهم ويقول ذلك العنق وكلت بثلاثة وكلت بثلاثة وكلت بمن ادعى مع الله إلها آخر ووكلت بمن لا يؤمن بيوم الحساب ووكلت بكل جبار عنيد قال فينطوي عليهم ويرمي بهم في غمرات ، ولجهنم جسر أدق من الشعر وأحد من السيف عليه كلاليب وحسك يأخذون من شاء الله والناس عليه كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب والملائكة يقولون رب سلم رب سلم فناج مسلم ومخدوش مسلم ومكور في النار على وجهه ) أحمد في المسند .
16 ـ النــــــــــــــــــــار :
قال تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ) فاطر 36 ـ 37 .
( أجارنا الله وإياكم منها ) يدخلها الكفار وبعض عصاة المؤمنين والمنافقون ، ولها 7 أبواب قال تعالى : ( لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) الحجر 444 ، ومن أسمائها من الأعلى للأسفل ، وهي دركات : جهنم ، لظى ، الحُطمة ، السعير ، سقر ، الجحيم ، ثم الهاوية وفيها أبو جهل . ونار الدنيا جزءٌ من سبعين جزءاً من نار جهنم .
قال تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا ) مريم 59 . والغيّ : وادي من وديان جهنم .
وقال تعالى : ( وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) الأعراف 44 . وهذا تقريعٌ لأهل النار .
وقال تعالى : ( وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ) الأعراف 50 .
وقال تعالى : ( لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ) الأعراف 41 . فراش من نار ، ولحاف من نار .
وقال تعالى : ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) الأعراف 179 .
قال تعالى : ( سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ )المدثر 26 ـ 30 .
وقال تعالى : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّىٰ أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ * فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ) المدثر 38 ـ 49 .
وقال تعالى : ( إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ * خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ * إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ * إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى ، وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) الدخان 43 ـ 59 .
{43} إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ
يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَمَّا يُعَذِّب بِهِ الْكَافِرِينَ الْجَاحِدِينَ لِلِقَائِهِ " إِنَّ شَجَرَة الزَّقُّوم طَعَام الْأَثِيم " وَالْأَثِيم أَيْ فِي قَوْله وَفِعْله وَهُوَ الْكَافِر وَذَكَرَ غَيْر وَاحِد أَنَّهُ أَبُو جَهْل وَلَا شَكَّ فِي دُخُوله فِي هَذِهِ الْآيَة وَلَكِنْ لَيْسَتْ خَاصَّة بِهِ قَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ الْأَعْمَش عَنْ إِبْرَاهِيم عَنْ هَمَّام بْن الْحَارِث أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاء كَانَ يُقْرِئ رَجُلًا " إِنَّ شَجَرَة الزَّقُّوم طَعَام الْأَثِيم " فَقَالَ طَعَام الْيَتِيم فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قُلْ إِنَّ شَجَرَة الزَّقُّوم طَعَام الْفَاجِر أَيْ لَيْسَ لَهُ طَعَام مِنْ غَيْرهَا قَالَ مُجَاهِد وَلَوْ وَقَعَتْ قَطْرَة مِنْهَا فِي الْأَرْض لَأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْل الْأَرْض مَعَايِشهمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْوه مَرْفُوعًا .
{44} طَعَامُ الْأَثِيمِ
" طَعَام الْأَثِيم " وَالْأَثِيم أَيْ فِي قَوْله وَفِعْله وَهُوَ الْكَافِر وَذَكَرَ غَيْر وَاحِد أَنَّهُ أَبُو جَهْل وَلَا شَكَّ فِي دُخُوله فِي هَذِهِ الْآيَة وَلَكِنْ لَيْسَتْ خَاصَّة بِهِ قَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ الْأَعْمَش عَنْ إِبْرَاهِيم عَنْ هَمَّام بْن الْحَارِث أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاء كَانَ يُقْرِئ رَجُلًا" إِنَّ شَجَرَة الزَّقُّوم طَعَام الْأَثِيم " فَقَالَ طَعَام الْيَتِيم فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قُلْ إِنَّ شَجَرَة الزَّقُّوم طَعَام الْفَاجِر أَيْ لَيْسَ لَهُ طَعَام مِنْ غَيْرهَا قَالَ مُجَاهِد وَلَوْ وَقَعَتْ قَطْرَة مِنْهَا فِي الْأَرْض لَأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْل الْأَرْض مَعَايِشهمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْوه مَرْفُوعًا.
{45} كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ
قَوْله " كَالْمُهْلِ " قَالُوا كَعَكَرِ الزَّيْت " يَغْلِي فِي الْبُطُون " .
{46} كَغَلْيِ الْحَمِيمِ
" كَغَلْيِ الْحَمِيم " أَيْ مِنْ حَرَارَتهَا وَرَدَاءَتهَا .
{47} خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ
قَوْله " خُذُوهُ أَيْ الْكَافِر وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ تَعَالَى إِذَا قَالَ لِلزَّبَانِيَةِ خُذُوهُ اِبْتَدَرَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْهُمْ وَقَوْله " فَاعْتِلُوهُ" أَيْ سُوقُوهُ سَحْبًا وَدَفْعًا فِي ظَهْره قَالَ مُجَاهِد " خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ " أَيْ خُذُوهُ فَادْفَعُوهُ ; وَقَالَ الْفَرَزْدَق : لَيْسَ الْكِرَام بِنَاحِلِيك أَبَاهُمْ حَتَّى تَرِد إِلَى عَطِيَّة تُعْتَل " إِلَى سَوَاء الْجَحِيم " أَيْ وَسَطهَا .
{48} ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ
" ثُمَّ صُبُّوا فَوْق رَأْسه مِنْ عَذَاب الْحَمِيم " كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ " يُصَبّ مِنْ فَوْق رُءُوسهمْ الْحَمِيم يُصْهَر بِهِ مَا فِي بُطُونهمْ وَالْجُلُود" وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَلَك يَضْرِبهُ بِمِقْمَعَةٍ مِنْ حَدِيد فَتَفْتَح دِمَاغه ثُمَّ يُصَبّ الْحَمِيم عَلَى رَأْسه فَيَنْزِل فِي بَدَنه فَيَسْلُت مَا فِي بَطْنه مِنْ أَمْعَائِهِ حَتَّى تَمْرُق مِنْ كَعْبَيْهِ - أَعَاذَنَا اللَّه تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ .
{49} ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ
قَوْله تَعَالَى " ذُقْ إِنَّك أَنْتَ الْعَزِيز الْكَرِيم " أَيْ قُولُوا لَهُ ذَلِكَ عَلَى وَجْه التَّهَكُّم وَالتَّوْبِيخ وَقَالَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْ لَسْت بِعَزِيزٍ وَلَا كَرِيم . وَقَدْ قَالَ الْأُمَوِيّ فِي مَغَازِيه حَدَّثَنَا أَسْبَاط بْن مُحَمَّد حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر الْهُذَلِيّ عَنْ عِكْرِمَة قَالَ لَقِيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا جَهْل لَعَنَهُ اللَّه فَقَالَ " إِنَّ اللَّه تَعَالَى أَمَرَنِي أَنْ أَقُول لَك أَوْلَى لَك فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَك فَأَوْلَى" قَالَ فَنَزَعَ ثَوْبه مِنْ يَده وَقَالَ مَا تَسْتَطِيع لِي أَنْتَ وَلَا صَاحِبك مِنْ شَيْء وَلَقَدْ عَلِمْت أَنِّي أَمْنَع أَهْل الْبَطْحَاء وَأَنَا الْعَزِيز الْكَرِيم قَالَ فَقَتَلَهُ اللَّه تَعَالَى يَوْم بَدْر وَأَذَلَّهُ وَعَيَّرَهُ بِكَلِمَتِهِ وَأَنْزَلَ " ذُقْ إِنَّك أَنْتَ الْعَزِيز الْكَرِيم " .
{50} إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ
قَوْله عَزَّ وَجَلَّ" إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى" يَوْم يُدَعُّونَ إِلَى نَار جَهَنَّم دَعًّا هَذِهِ النَّار الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ أَفَسِحْر هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ" وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى هَهُنَا " إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ " .
وقال تعالى : ( وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ) الأحقاف 20 .
عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل قال انظر إلى الجنة وإلى ما أعددت لأهلها فيها فجاء فنظر إليها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها فرجع إليه قال وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها فأمر بها فحجبت بالمكاره قال ارجع إليها فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها قال فرجع إليها وإذا هي قد حجبت بالمكاره فرجع إليه قال وعزتك قد خشيت أن لا يدخلها أحد قال اذهب إلى النار فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها فإذا هي يركب بعضها بعضا فرجع قال وعزتك لقد خشيت أن لا يسمع بها أحد فيدخلها فأمر بها فحفت بالشهوات فقال وعزتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها ) رواه أحمد والترمذي والنسائي وأبو داود ومالك ، واللفظ لأحمد .
ومن عذابها : الصهر ، وصب الحميم على الرؤوس ، ومقامع من حديد ( ... فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * ولهُم مقامعُ من حديدٍ )الحج 19ـ 21 .
، والزمهرير ( مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ) الإنسان 13 ، والسحب على الوجوه ( يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ ) القمر 48 ، ثم الصعود ثم الهوي ( سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ) المدثر 17 ،
المكان الضيق ( وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا )الفرقان 13 ،
وتلفح النارالوجوه وتشويها ( لواحةٌ للبشر ) ، ( نزاعةٌ للشوى ) ، ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ ) الرحمن 35 ،
ومن العذاب أيضاً ، نتن الرائحة ، والعقارب والحيات ، والجرب ، ويخلد في العذاب الدائم ويتمنى الموت ولا يُعطاه ( يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ) إبراهيم 17 .
( وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ ) غافر 49ـ 50.
* يتضاعف جسم الكافر في النار إلى أضعاف كثيرة ليذوق أشد ألوان العذاب وكلما إحترق عاد كما كان ، ويبقى على ذلك أبداً،
* قال تعالى : ( إنَّ الذينَ كفروا بآياتنا سوفَ نـُصليهُم ناراً كُلما نضجتْ جُلوُدُهُم بدلناهُم جُلُوداً غيرها ليذوقوا العذاب ) النساء 56
* وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( ضرسُ الكافر مثلُ (جبل) أحُدٍ ، وغلظُ جلده مسيرةُ ثلاث ) رواه مسلم ، وفي السلسلة الصحيحة .
وطعامهم وشرابهم هو : الزقوم(شجرة تنبت في أصل الجحيم وفروعها ترتفع إلى دركات جهنم )، والمُهل (الزيت العِكر المُتكدر) ، والحميم أل آن ( المعادن المصهورة ) ، والضريع (شجرة في جهنم لها شوك) ، وطعاماً ذا غُصة (شوكٌ يلصق بالحلق فلا يدخل ولا يخرج) ، والغسلين ، والماء الصديد (صديد وعصارة وقيح أهل النارهو شرابهم) والحميم (الحار الذي يحرق وانتهى حره) والغساق (القيح الغليظ الذي يسيل من جلد الكافر، أو الزمهرير البارد الذي يحرق من شدة برده).
قال تعالى : ( إنَّ شجرةَ الزقـّومِ * طعامُ الأثيمِ * كالمُهلِ يغلي في البُطُون * كغلي الحميم ) الدخان 43 ـ 46 .
وقال تعالى : ( يطُوفُونَ بينها وبينَ حَميمٍ آن ) الرحمن 44 .
وقال تعالى : ( هذا فليذُوقُوهُ حَميمٌ وغساقٌ * وأخرُ من شكلهِ أزواجٌ )ص 57 ـ 58 .
وقال تعالى : ( وُيسقى من ماءٍ صَديد * يتجرعهُ ولا يكادُ يُسيغهُ )إبراهيم 16 ـ 17.
* عن جابر(رضي الله عنه) : (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إنَّ على اللهِ عهداً لمن شربَ المُسكرات ، ليُسقيهِ من طينةِ الخبال ، قالوا وما طينة الخبال ؟؟ قال صديد أهل النار ) رواه مسلم في الصحيح.
* عن ابن عباس (رضي الله عنهما) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( لو أن قطرةً من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على الناسِ معايشهُم ، فكيف بمن تكونُ طعامهُ ؟؟ ) رواه ابن ماجة والترمذي وابن حبان في صحيحة الألباني – في صحيح الجامع.
* عن أبي هريرة (رضي الله عنه) : ( أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من حر جهنم قالوا والله إن كانت لكافية يا رسول الله قال فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلها مثل حره )صحيح مسلم .
* قال قال قتادة سمعت أبا نضرة يحدث عن سمرة : ( أنه سمع نبي الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إن منهم من تأخذه النار إلى كعبيه ومنهم من تأخذه إلى حجزته ومنهم من تأخذه إلى عنقه ) صحيح مسلم .
* وعن النعمان بن بشير كان يخطب وهو يقول : ( سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لرجل توضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه ) الصحيحين .
* وعن أنس بن مالك قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط هل مر بك نعيم قط فيقول لا والله يا رب ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط هل مر بك شدة قط فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط ) صحيح مسلم .
* قال تعالى : ( إذآ ألقوا فيها سمعوا لها شهيقاً وهيَ تفور* تكادُ تَمَيّزُ من الغيظ ، كلمآ ألقيَ فيها فوجٌ سألهُم خزنتهآ ألم يأتكم نذير ) الملك 7 ـ 8 .
عن أبي سعيد الخدري قال (( قال النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول الله عز وجل يوم القيامة : يا آدم يقول لبيك ربنا وسعديك فينادى بصوت إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثاً إلى النار قال يا رب وما بعث النار؟ قال فحينئذ تضع الحامل حملها ويشيب الوليد ( وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ) من كل ألف أراه قال تسع مائة وتسعة وتسعين فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) من يأجوج ومأجوج تسع مائة وتسعة وتسعين ومنكم واحد ثم أنتم في الناس كالشعرة السوداء في جنب الثور الأبيض أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود وإني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة فكبرنا ثم قال ثلث أهل الجنة فكبرنا ثم قال شطر أهل الجنة فكبرنا )) صحيح البخاري .
17 ـ القنطــــــــــــــــــــــــرة :
* قال (صلى الله عليه وسلم): ( يخلص المؤمنون من النار فيُحبسون على قنطرةٍ بين الجنةِ والنار ، فيـُقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا ، حتى إذا هُذبوا وُنقوا ، أُذن لهم في دخول الجنة ) ، قال (صلى الله عليه وسلم) : ) فوالذي نفس محمد بيده ، لأحدهم أهدى بمنزلهِ في الجنةِ منه بمنزله كان في الدنيا ) رواه البخاري .
فهذه القنطرة قبل دخول الجنة ، فلا يدخل الجنة أحدٌ حتى يُهذب ويُنقى من كل مظلمة أو ذنب ، وهي كالفلترة والتنقية بالنسبة للماء.
يتبع >>>>>>>>>>>>>> الجزء الأخير وهي الجنة >>>>>>>>
الشيخ جميل لافي
2 / 2 / 2012
13 ـ الحوض 14 ـ إمتحان المؤمنين 15ـ الصراط 16 ـ النار 17 ـ القنطرة 18ـ الجنة.
13 ـ الحـــــــــــــــــــــــوض :
ثمَ يرِد المؤمنون الحوض ، من شرب منه لا يظمأ بعده أبداً، ولكلِ نبيٍ حوض ، أعظمها لمحمدٍ (صلى الله عليه وسلم) : ( ماؤه أبيض من اللبن وأحلى من العسل وأطيب من المسك) .
* عن عبد الله بن عمر(رضي الله عنهما) عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : ( حوضي كما بين عدن وعمان أبرد من الثلج وأحلى من العسل وأطيب ريحا من المسك أكوابه مثل نجوم السماء من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً ، أول الناس عليه ورودا صعاليك المهاجرين قال قائل : ومن هم يا رسول الله ؟ قال الشعثة رءوسهم الشحبة وجوههم الدنسة ثيابهم لا يفتح لهم السدد ، ولا ينكحون المتنعمات الذين يعطون كل الذي عليهم ، ولا يأخذون الذي لهم ) مسند أحمد ، وصححهُ العلامة أحمد شاكر.
* وعن عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) قال ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( أنا فرطكم على الحوض ، وليرفعن رجال منكم ثم ليختلجن دوني ( أي يُحجزوا عنه ) ، فأقول : يا رب أصحابي ؟ فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ) صحيح البخاري .
* وعن سهل بن سعد الساعدي(رضي الله عنه) قال ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( إني فرطكم على الحوض، من مر علي شرب ، ومن شرب لم يظمأ أبدا ، ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني ، ثم يُحال بيني وبينهم فأقول : إنهم مني، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول : سُحقاً سُحقاً لمن غير بعدي ) صحيح البخاري .
* وعن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال ، قال النبي (صلى الله عليه وسلم) للأنصار : ( إنكم ستلقون بعدي أثرة ، فاصبروا حتى تلقوني ، وموعدكم الحوض )صحيح البخاري .
* اللهم إسقنا من حوض نبيك (صلى الله عليه وسلم) شربةً لا نظمأ بعدها أبداً ، وأوردنا حوضهُ ، ولا تجعلنا ممن يُحالُ بينهم وبين حوضه ، يا ربَّ الأولين والأخرين .
14 ـ امتحـــــان المؤمنـــــــــين :
في آخر يوم من الحشر يتبع الكفار آلهتهُم التي عبدوها ، فتوصلهم إلى النار جماعات كقطعان الماشية على أرجلهم أو على وجوههم ، ولا يبقى إلا المُؤمنون والمنافقون ، فيأتيهم الله فيقول : ( ماذا تنتظرون ) ؟ فيقولوا : ( ننتظرُ ربنا ) ، فيعرفونه بساقهِ إذا كشفها ، فيخرون سجداً إلا المُنافقين ، قال تعالى : ( يوم يُكشفُ عن ساقٍ وُيدعونَ إلى السجودِ فلا يستطيعون ) ، ثم يتبعونه فيـُنصبُ الصراط ، ويعطونَ النور، كلٌ على قدر أعمالهُم ، ويُطفأ نور المنافقين ، فيُقال لهم : ( يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَآءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لهُ بابٌ باطنُهُ فيهِ الرحمّةُ وظاهرُهُ من قِبلهِ العذاب * يُنادوُنَهُم لأام نكُن معكُم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسَكُم وارتبتم وغرتكم الأمانيُّ حتى جآءَ أمرُ اللهِ وغركُم باللهِ الغرور) الحديد 133 ـ 14
* عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال : ( أن أناسا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : ( نعم ، هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة ، ضوء ليس فيها سحاب ) . قالوا : لا ، قال : ( وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ، ضوء ليس فيها سحاب ) .
قالوا : لا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما تضارون في رؤية الله عز وجل يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما ، إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن : تتبع كل أمة ما كانت تعبد ، فلا يبقى من كان يعبد غير الله من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار . حتى إذا لم يبقى إلا من كان يعبد الله ، بر أو فاجر ، وغبرات أهل الكتاب ، فيدعى اليهود ، فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ قالوا : كنا نعبد عزيرا ابن الله ، فيقال لهم : كذبتم ، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ، فماذا تبغون ؟ فقالوا : عطشنا ربنا فاسقنا ، فيشار : ألا تردون ؟ فيحشرون إلى النار ، كأنها سراب يحطم بعضهاً بعضاً ، فيتساقطون في النار . ثم يدعى النصارى فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ قالوا : كنا نعبد المسيح ابن الله ، فيقال لهم : كذبتم ، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ، فيقال لهم : ما تبغون ؟ فكذلك مثل الأول . حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله ، من بر أو فاجر ، أتاهم رب العالمين في أدنى صورة من التي رأوه فيها ، فيقال : ماذا تنتظرون ، تتبع كل أمة ما كانت تعبد ، قالوا : فارقنا الناس في الدنيا على أفقر ما كنا إليهم لم نصاحبهم ، ونحن ننتظر ربنا الذي كنا نعبد ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : لا نشرك بالله شيئا ) . مرتين أو ثلاثا . صحيح البخاري .
15 ـ الصـــــــــــــــــــراط :
جسرٌ ممدودٌ على جهنم ليعبر المؤمنون عليه إلى الجنة ، وصفه (صلى الله عليه وسلم) بأنه : ( مدحضةً مزلة ، عليه خطاطيفٌ وكلاليبٌ ، كشوك السعدان ، أدقُ من الشعرةِ وأحدُ من السيف ) رواه مسلم .
قال تعالى : ( ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا * وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ) مريم 70 ـ 72 .
يظن البعض أن كل إنسان سيدخل النار ، كما في الآية السابقة، ومعنى الآية هو : المرور من فوقها على الصراط الموصوف في الأحاديث ، وليس الورورد بمعنى الدخول .
* وعن عائشة قالت : ( قلت يا رسول الله هل يذكر الحبيب حبيبه يوم القيامة قال : يا عائشة أما عند ثلاث فلا أما عند الميزان حتى يثقل أو يخف فلا وأما عند تطاير الكتب فإما أن يعطى بيمينه أو يعطى بشماله فلا وحين يخرج عنق من النار فينطوي عليهم ويتغيظ عليهم ويقول ذلك العنق وكلت بثلاثة وكلت بثلاثة وكلت بمن ادعى مع الله إلها آخر ووكلت بمن لا يؤمن بيوم الحساب ووكلت بكل جبار عنيد قال فينطوي عليهم ويرمي بهم في غمرات ، ولجهنم جسر أدق من الشعر وأحد من السيف عليه كلاليب وحسك يأخذون من شاء الله والناس عليه كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب والملائكة يقولون رب سلم رب سلم فناج مسلم ومخدوش مسلم ومكور في النار على وجهه ) أحمد في المسند .
16 ـ النــــــــــــــــــــار :
قال تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ) فاطر 36 ـ 37 .
( أجارنا الله وإياكم منها ) يدخلها الكفار وبعض عصاة المؤمنين والمنافقون ، ولها 7 أبواب قال تعالى : ( لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) الحجر 444 ، ومن أسمائها من الأعلى للأسفل ، وهي دركات : جهنم ، لظى ، الحُطمة ، السعير ، سقر ، الجحيم ، ثم الهاوية وفيها أبو جهل . ونار الدنيا جزءٌ من سبعين جزءاً من نار جهنم .
قال تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا ) مريم 59 . والغيّ : وادي من وديان جهنم .
وقال تعالى : ( وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) الأعراف 44 . وهذا تقريعٌ لأهل النار .
وقال تعالى : ( وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ) الأعراف 50 .
وقال تعالى : ( لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ) الأعراف 41 . فراش من نار ، ولحاف من نار .
وقال تعالى : ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) الأعراف 179 .
قال تعالى : ( سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ )المدثر 26 ـ 30 .
وقال تعالى : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّىٰ أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ * فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ) المدثر 38 ـ 49 .
وقال تعالى : ( إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ * خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ * إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ * إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى ، وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) الدخان 43 ـ 59 .
{43} إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ
يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَمَّا يُعَذِّب بِهِ الْكَافِرِينَ الْجَاحِدِينَ لِلِقَائِهِ " إِنَّ شَجَرَة الزَّقُّوم طَعَام الْأَثِيم " وَالْأَثِيم أَيْ فِي قَوْله وَفِعْله وَهُوَ الْكَافِر وَذَكَرَ غَيْر وَاحِد أَنَّهُ أَبُو جَهْل وَلَا شَكَّ فِي دُخُوله فِي هَذِهِ الْآيَة وَلَكِنْ لَيْسَتْ خَاصَّة بِهِ قَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ الْأَعْمَش عَنْ إِبْرَاهِيم عَنْ هَمَّام بْن الْحَارِث أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاء كَانَ يُقْرِئ رَجُلًا " إِنَّ شَجَرَة الزَّقُّوم طَعَام الْأَثِيم " فَقَالَ طَعَام الْيَتِيم فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قُلْ إِنَّ شَجَرَة الزَّقُّوم طَعَام الْفَاجِر أَيْ لَيْسَ لَهُ طَعَام مِنْ غَيْرهَا قَالَ مُجَاهِد وَلَوْ وَقَعَتْ قَطْرَة مِنْهَا فِي الْأَرْض لَأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْل الْأَرْض مَعَايِشهمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْوه مَرْفُوعًا .
{44} طَعَامُ الْأَثِيمِ
" طَعَام الْأَثِيم " وَالْأَثِيم أَيْ فِي قَوْله وَفِعْله وَهُوَ الْكَافِر وَذَكَرَ غَيْر وَاحِد أَنَّهُ أَبُو جَهْل وَلَا شَكَّ فِي دُخُوله فِي هَذِهِ الْآيَة وَلَكِنْ لَيْسَتْ خَاصَّة بِهِ قَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ الْأَعْمَش عَنْ إِبْرَاهِيم عَنْ هَمَّام بْن الْحَارِث أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاء كَانَ يُقْرِئ رَجُلًا" إِنَّ شَجَرَة الزَّقُّوم طَعَام الْأَثِيم " فَقَالَ طَعَام الْيَتِيم فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قُلْ إِنَّ شَجَرَة الزَّقُّوم طَعَام الْفَاجِر أَيْ لَيْسَ لَهُ طَعَام مِنْ غَيْرهَا قَالَ مُجَاهِد وَلَوْ وَقَعَتْ قَطْرَة مِنْهَا فِي الْأَرْض لَأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْل الْأَرْض مَعَايِشهمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْوه مَرْفُوعًا.
{45} كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ
قَوْله " كَالْمُهْلِ " قَالُوا كَعَكَرِ الزَّيْت " يَغْلِي فِي الْبُطُون " .
{46} كَغَلْيِ الْحَمِيمِ
" كَغَلْيِ الْحَمِيم " أَيْ مِنْ حَرَارَتهَا وَرَدَاءَتهَا .
{47} خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ
قَوْله " خُذُوهُ أَيْ الْكَافِر وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ تَعَالَى إِذَا قَالَ لِلزَّبَانِيَةِ خُذُوهُ اِبْتَدَرَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْهُمْ وَقَوْله " فَاعْتِلُوهُ" أَيْ سُوقُوهُ سَحْبًا وَدَفْعًا فِي ظَهْره قَالَ مُجَاهِد " خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ " أَيْ خُذُوهُ فَادْفَعُوهُ ; وَقَالَ الْفَرَزْدَق : لَيْسَ الْكِرَام بِنَاحِلِيك أَبَاهُمْ حَتَّى تَرِد إِلَى عَطِيَّة تُعْتَل " إِلَى سَوَاء الْجَحِيم " أَيْ وَسَطهَا .
{48} ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ
" ثُمَّ صُبُّوا فَوْق رَأْسه مِنْ عَذَاب الْحَمِيم " كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ " يُصَبّ مِنْ فَوْق رُءُوسهمْ الْحَمِيم يُصْهَر بِهِ مَا فِي بُطُونهمْ وَالْجُلُود" وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَلَك يَضْرِبهُ بِمِقْمَعَةٍ مِنْ حَدِيد فَتَفْتَح دِمَاغه ثُمَّ يُصَبّ الْحَمِيم عَلَى رَأْسه فَيَنْزِل فِي بَدَنه فَيَسْلُت مَا فِي بَطْنه مِنْ أَمْعَائِهِ حَتَّى تَمْرُق مِنْ كَعْبَيْهِ - أَعَاذَنَا اللَّه تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ .
{49} ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ
قَوْله تَعَالَى " ذُقْ إِنَّك أَنْتَ الْعَزِيز الْكَرِيم " أَيْ قُولُوا لَهُ ذَلِكَ عَلَى وَجْه التَّهَكُّم وَالتَّوْبِيخ وَقَالَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْ لَسْت بِعَزِيزٍ وَلَا كَرِيم . وَقَدْ قَالَ الْأُمَوِيّ فِي مَغَازِيه حَدَّثَنَا أَسْبَاط بْن مُحَمَّد حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر الْهُذَلِيّ عَنْ عِكْرِمَة قَالَ لَقِيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا جَهْل لَعَنَهُ اللَّه فَقَالَ " إِنَّ اللَّه تَعَالَى أَمَرَنِي أَنْ أَقُول لَك أَوْلَى لَك فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَك فَأَوْلَى" قَالَ فَنَزَعَ ثَوْبه مِنْ يَده وَقَالَ مَا تَسْتَطِيع لِي أَنْتَ وَلَا صَاحِبك مِنْ شَيْء وَلَقَدْ عَلِمْت أَنِّي أَمْنَع أَهْل الْبَطْحَاء وَأَنَا الْعَزِيز الْكَرِيم قَالَ فَقَتَلَهُ اللَّه تَعَالَى يَوْم بَدْر وَأَذَلَّهُ وَعَيَّرَهُ بِكَلِمَتِهِ وَأَنْزَلَ " ذُقْ إِنَّك أَنْتَ الْعَزِيز الْكَرِيم " .
{50} إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ
قَوْله عَزَّ وَجَلَّ" إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى" يَوْم يُدَعُّونَ إِلَى نَار جَهَنَّم دَعًّا هَذِهِ النَّار الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ أَفَسِحْر هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ" وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى هَهُنَا " إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ " .
وقال تعالى : ( وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ) الأحقاف 20 .
عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل قال انظر إلى الجنة وإلى ما أعددت لأهلها فيها فجاء فنظر إليها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها فرجع إليه قال وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها فأمر بها فحجبت بالمكاره قال ارجع إليها فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها قال فرجع إليها وإذا هي قد حجبت بالمكاره فرجع إليه قال وعزتك قد خشيت أن لا يدخلها أحد قال اذهب إلى النار فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها فإذا هي يركب بعضها بعضا فرجع قال وعزتك لقد خشيت أن لا يسمع بها أحد فيدخلها فأمر بها فحفت بالشهوات فقال وعزتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها ) رواه أحمد والترمذي والنسائي وأبو داود ومالك ، واللفظ لأحمد .
ومن عذابها : الصهر ، وصب الحميم على الرؤوس ، ومقامع من حديد ( ... فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * ولهُم مقامعُ من حديدٍ )الحج 19ـ 21 .
، والزمهرير ( مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ) الإنسان 13 ، والسحب على الوجوه ( يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ ) القمر 48 ، ثم الصعود ثم الهوي ( سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ) المدثر 17 ،
المكان الضيق ( وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا )الفرقان 13 ،
وتلفح النارالوجوه وتشويها ( لواحةٌ للبشر ) ، ( نزاعةٌ للشوى ) ، ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ ) الرحمن 35 ،
ومن العذاب أيضاً ، نتن الرائحة ، والعقارب والحيات ، والجرب ، ويخلد في العذاب الدائم ويتمنى الموت ولا يُعطاه ( يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ) إبراهيم 17 .
( وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ ) غافر 49ـ 50.
* يتضاعف جسم الكافر في النار إلى أضعاف كثيرة ليذوق أشد ألوان العذاب وكلما إحترق عاد كما كان ، ويبقى على ذلك أبداً،
* قال تعالى : ( إنَّ الذينَ كفروا بآياتنا سوفَ نـُصليهُم ناراً كُلما نضجتْ جُلوُدُهُم بدلناهُم جُلُوداً غيرها ليذوقوا العذاب ) النساء 56
* وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( ضرسُ الكافر مثلُ (جبل) أحُدٍ ، وغلظُ جلده مسيرةُ ثلاث ) رواه مسلم ، وفي السلسلة الصحيحة .
وطعامهم وشرابهم هو : الزقوم(شجرة تنبت في أصل الجحيم وفروعها ترتفع إلى دركات جهنم )، والمُهل (الزيت العِكر المُتكدر) ، والحميم أل آن ( المعادن المصهورة ) ، والضريع (شجرة في جهنم لها شوك) ، وطعاماً ذا غُصة (شوكٌ يلصق بالحلق فلا يدخل ولا يخرج) ، والغسلين ، والماء الصديد (صديد وعصارة وقيح أهل النارهو شرابهم) والحميم (الحار الذي يحرق وانتهى حره) والغساق (القيح الغليظ الذي يسيل من جلد الكافر، أو الزمهرير البارد الذي يحرق من شدة برده).
قال تعالى : ( إنَّ شجرةَ الزقـّومِ * طعامُ الأثيمِ * كالمُهلِ يغلي في البُطُون * كغلي الحميم ) الدخان 43 ـ 46 .
وقال تعالى : ( يطُوفُونَ بينها وبينَ حَميمٍ آن ) الرحمن 44 .
وقال تعالى : ( هذا فليذُوقُوهُ حَميمٌ وغساقٌ * وأخرُ من شكلهِ أزواجٌ )ص 57 ـ 58 .
وقال تعالى : ( وُيسقى من ماءٍ صَديد * يتجرعهُ ولا يكادُ يُسيغهُ )إبراهيم 16 ـ 17.
* عن جابر(رضي الله عنه) : (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إنَّ على اللهِ عهداً لمن شربَ المُسكرات ، ليُسقيهِ من طينةِ الخبال ، قالوا وما طينة الخبال ؟؟ قال صديد أهل النار ) رواه مسلم في الصحيح.
* عن ابن عباس (رضي الله عنهما) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( لو أن قطرةً من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على الناسِ معايشهُم ، فكيف بمن تكونُ طعامهُ ؟؟ ) رواه ابن ماجة والترمذي وابن حبان في صحيحة الألباني – في صحيح الجامع.
* عن أبي هريرة (رضي الله عنه) : ( أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من حر جهنم قالوا والله إن كانت لكافية يا رسول الله قال فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلها مثل حره )صحيح مسلم .
* قال قال قتادة سمعت أبا نضرة يحدث عن سمرة : ( أنه سمع نبي الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إن منهم من تأخذه النار إلى كعبيه ومنهم من تأخذه إلى حجزته ومنهم من تأخذه إلى عنقه ) صحيح مسلم .
* وعن النعمان بن بشير كان يخطب وهو يقول : ( سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لرجل توضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه ) الصحيحين .
* وعن أنس بن مالك قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط هل مر بك نعيم قط فيقول لا والله يا رب ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط هل مر بك شدة قط فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط ) صحيح مسلم .
* قال تعالى : ( إذآ ألقوا فيها سمعوا لها شهيقاً وهيَ تفور* تكادُ تَمَيّزُ من الغيظ ، كلمآ ألقيَ فيها فوجٌ سألهُم خزنتهآ ألم يأتكم نذير ) الملك 7 ـ 8 .
عن أبي سعيد الخدري قال (( قال النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول الله عز وجل يوم القيامة : يا آدم يقول لبيك ربنا وسعديك فينادى بصوت إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثاً إلى النار قال يا رب وما بعث النار؟ قال فحينئذ تضع الحامل حملها ويشيب الوليد ( وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ) من كل ألف أراه قال تسع مائة وتسعة وتسعين فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) من يأجوج ومأجوج تسع مائة وتسعة وتسعين ومنكم واحد ثم أنتم في الناس كالشعرة السوداء في جنب الثور الأبيض أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود وإني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة فكبرنا ثم قال ثلث أهل الجنة فكبرنا ثم قال شطر أهل الجنة فكبرنا )) صحيح البخاري .
17 ـ القنطــــــــــــــــــــــــرة :
* قال (صلى الله عليه وسلم): ( يخلص المؤمنون من النار فيُحبسون على قنطرةٍ بين الجنةِ والنار ، فيـُقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا ، حتى إذا هُذبوا وُنقوا ، أُذن لهم في دخول الجنة ) ، قال (صلى الله عليه وسلم) : ) فوالذي نفس محمد بيده ، لأحدهم أهدى بمنزلهِ في الجنةِ منه بمنزله كان في الدنيا ) رواه البخاري .
فهذه القنطرة قبل دخول الجنة ، فلا يدخل الجنة أحدٌ حتى يُهذب ويُنقى من كل مظلمة أو ذنب ، وهي كالفلترة والتنقية بالنسبة للماء.
يتبع >>>>>>>>>>>>>> الجزء الأخير وهي الجنة >>>>>>>>
الشيخ جميل لافي
2 / 2 / 2012
في الخميس فبراير 02, 2012 6:19 pm
من طرف الشيخ جميل لافي
الجزء الأخير >>>>>>>>>>
18 ـ الجنّــــــــــــــــــــــــــــــة :
قال تعالى : ( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ) فاطر 34 ـ 35 .
وقال تعالى : ( وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ) محمد 6 .
وقال تعالى : ( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ ) الرعد 35 .
فشتان ما بين هذه العُقبى وتلك ... !! .
وقال تعالى : ( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ) محمد 15 .
وهذه أيضاً مقارنة بين شراب أهل الجنة ، وشراب أهل النار ... !!
( جعلنا اللهُ وإياكم من ساكنيها ) وهي مأوى المؤمنين ، بناؤها ذهبٌ وفضة ، وملاطها مسك ، وحصباؤها لؤلؤٌ وياقوت ، وترابها زعفران ، ولها 8 أبواب ، عرض الباب مسيرة ثلاثة أيام ، يأتي عليهِ يومٌ وهو مُكتظ ، والفردوس أعلاها ومنه تنفجر أنهارها ، وسقفه عرش الرحمن ، أنهارها تجري دون أخدود ، يجريها المؤمن كما يشاء ، أنهارها عسل ولبن وخمر وماء ، أهلها جُردٌ مردٌ كحلٌ لا يفنى شبابهم ولا ثيابهم ، لا يتبولون فيها ولا يتغوطون ولا يتمخطون ، ولا قذارة بها ، أمشاطهم ذهب ، ورشحهم مسك ، ونساؤها حسانٌ وأبكارٌ عُرباً أتراباً ، أول من يدخلها محمد (صلى الله عليه وسلم) والأنبياء وأعظمُ نعيمُها هو : رؤية الله عز وجل ،
وفيها قال تعالى :[/u]
* في الحديث القدسي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال الله تعالى : (( أعددتُ لعبادي الصالحين ( أي في الجنة ) ما لا عينٌ رأت ، ولا أذنٌ سمعت ، ولا خطرَ على قلب بشرٍ ) مصداق ذلك في كتاب الله : ( فلا تعلمُ نفسٌ مآ أ خفيَ لهُم من قُرَّة أعيُنٍ جَزآءً بما كانوا يعملون )) رواه مسلم عن أبي هريرة .
[u]قال تعالى : ( جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ ، إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا ، وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا * تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ) مريم 60 ـ 63 .
شروط ساكنيها ووارثيها : التقوى .
قال تعالى : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) الأعراف 43 .
فلا غل ولا أحقاد ولا حسد ولا تباغض ولا تدابر في الجنة .
* وعن جابر بن عبد الله قال : ( قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يأكل أهل الجنة فيها ويشربون ولا يتغوطون ولا يمتخطون ولا يبولون ولكن طعامهم ذاك جشاء كرشح المسك يلهمون التسبيح والحمد كما تلهمون النفس ) صحيح مسلم .
* وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتفلون ولا يمتخطون أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومجامرهم الألوة الأنجوج عود الطيب وأزواجهم الحور العين على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم ستون ذراعا في السماء )صحيح البخاري .
* وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) : ( أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر والذين على إثرهم كأشد كوكب إضاءة قلوبهم على قلب رجل واحد لا اختلاف بينهم ولا تباغض لكل امرئ منهم زوجتان كل واحدة منهما يرى مخ ساقها من وراء لحمها من الحسن يسبحون الله بكرة وعشيا لا يسقمون ولا يمتخطون ولا يبصقون آنيتهم الذهب والفضة وأمشاطهم الذهب ووقود مجامرهم الألوة قال أبو اليمان يعني العود ورشحهم المسك ) صحيح البخاري .
* وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها ولا يمتخطون ولا يتغوطون آنيتهم فيها الذهب أمشاطهم من الذهب والفضة ومجامرهم الألوة ورشحهم المسك ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا ) البخاري ومسلم والترمذي .
* وعن أنس (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إنَّ الحورَ العينَ لتـُغنينَ في الجنةِ يقلنَ : نحنُ الحورُ الحِسان ... خُبِئنا لأزواجٍ كِرامٍ ) . صحيح في الروض النضير ، وصححه الألباني .
( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ) 51 :
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى حَال الْأَشْقِيَاء عَطَفَ بِذِكْرِ السُّعَدَاء وَلِهَذَا سُمِّيَ الْقُرْآن مَثَانِي فَقَالَ " إِنَّ الْمُتَّقِينَ " أَيْ لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا" فِي مَقَام أَمِين " أَيْ فِي الْآخِرَة وَهُوَ الْجَنَّة قَدْ أَمِنُوا فِيهَا مِنْ الْمَوْت وَالْخُرُوج وَمِنْ كُلّ هَمّ وَحُزْن وَجَزَع وَتَعَب وَنَصَب وَمِنْ الشَّيْطَان وَكَيْده وَسَائِر الْآفَات وَالْمَصَائِب.
( فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ) 52 :
" فِي جَنَّات وَعُيُون " وَهَذَا فِي مُقَابَلَة مَا أُولَئِكَ فِيهِ مِنْ شَجَرَة الزَّقُّوم وَشُرْب الْحَمِيم .
( يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ) 53 :
قَوْله تَعَالَى" يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُس " وَهُوَ رَفِيع الْحَرِير كَالْقُمْصَانِ وَنَحْوهَا " وَإِسْتَبْرَق " وَهُوَ مَا فِيهِ بَرِيق وَلَمَعَان وَذَلِكَ كَالرِّيَاشِ وَمَا يُلْبَس عَلَى أَعَالِي الْقُمَاش " مُتَقَابِلِينَ" أَيْ عَلَى السُّرَر لَا يَجْلِس أَحَد مِنْهُمْ وَظَهْره إِلَى غَيْره.
( كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ) 54 :
قَوْله تَعَالَى كَذَلِكَ" وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِين " أَيْ هَذَا الْعَطَاء مَعَ مَا قَدْ مَنَحْنَاهُمْ مِنْ الزَّوْجَات الْحِسَان الْحُور الْعِين اللَّاتِي" لَمْ يَطْمِثهُنَّ إِنْس قَبْلهمْ وَلَا جَانّ " " كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوت وَالْمَرْجَان " " هَلْ جَزَاء الْإِحْسَان إِلَّا الْإِحْسَان " قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا نُوح بْن حَبِيب حَدَّثَنَا نَصْر بْن مُزَاحِم الْعَطَّار حَدَّثَنَا عُمَر بْن سَعْد عَنْ رَجُل عَنْ أَنَس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ رَفَعَهُ نُوح قَالَ : لَوْ أَنَّ حَوْرَاء بَزَقَتْ فِي بَحْر لُجَيّ لَعَذُبَ الْمَاء لِعُذُوبَةِ رِيقهَا .
( يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ )555 : أَيْ مَهْمَا طَلَبُوا مِنْ أَنْوَاع الثِّمَار أُحْضِرَ لَهُمْ وَهُمْ آمِنُونَ مِنْ اِنْقِطَاعه وَامْتِنَاعه بَلْ يُحْضَر إِلَيْهِمْ كُلَّمَا أَرَادُوا .
( لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ) 56 :
هَذَا اِسْتِثْنَاء يُؤَكِّد النَّفْي فَإِنَّهُ اِسْتِثْنَاء مُنْقَطِع وَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْت أَبَدًا كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ : ( أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " يُؤْتَى بِالْمَوْتِ فِي صُورَة كَبْش أَمْلَح فَيُوقَف بَيْن الْجَنَّة وَالنَّار ثُمَّ يُذْبَح ثُمَّ يُقَال يَا أَهْل الْجَنَّة خُلُود فَلَا مَوْت وَيَا أَهْل النَّار خُلُود فَلَا مَوْت ) في الصحيحين .
* وعَنْ أَبِي سَعِيد وَأَبِي هُرَيْرَة (رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا) قَالَا : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُقَال لِأَهْلِ الْجَنَّة إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَعِيشُوا فَلَا تَمُوتُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا ) رَوَاهُ مُسْلِم .
* وعَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( من يدخل الجنة ينعم لا يبأس . لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه ) صحيح مسلم .
* عَنْ جَابِر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : ( سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل يا رسول الله أينام أهل الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم النوم أخو الموت وأهل الجنة لا ينامون ) الهيثمي في مجمع الزوائد - رجال البزار رجال الصحيح .
* وأما عن منزلة أقل أهل الجنة :
* عن عبد بن حميد ( أبي سعيد الخدري) (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :( إن الله يخرج أقواما من النار ، بعدما لا يبقى منهم فيها إلا الوجوه ، فيدخلهم الجنة ) البخاري ، والألباني - صحيح الجامع – وفي الصحيحة .
* عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( إني لأعلم آخر أهل النار خروجا منها وآخر أهل الجنة دخولا الجنة رجل يخرج من النار حبواً فيقول الله تبارك وتعالى له اذهب فادخل الجنة فيأتيها فيُخيل إليه أنها ملأى فيرجع فيقول يا رب وجدتها ملأى فيقول الله تبارك وتعالى له اذهب فادخل الجنة قال فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى فيرجع فيقول يا رب وجدتها ملأى فيقول الله له اذهب فادخل الجنة فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها أو إن لك عشرة أمثال الدنيا قال فيقول أتسخر بي أو أتضحك بي وأنت الملك قال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه قال فكان يقال ذاك أدنى أهل الجنة منزلة ) البخاري ومسلم .
* وأما خيمة العبد في الجنة :
* عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : ( في الجنة خيمة من لؤلؤةٍ مجوفة عرضها ستون ميلاً في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين يطوف عليهم المؤمن )البخاري ومسلم .
* وأما درجة الأنبياء وأتباعهم :
* عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم قالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين ) البخاري ومسلم .
* وأما شــــجرها :
* عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها ) البخاري ومسلم والترمذي .
* وأما سوق الجنة :
*عن أنس بن مالك(رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إن في الجنة لسوقاً يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسنا وجمالا فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حُسنا وجمالا فيقول لهم أهلُوهم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا فيقولون وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا ) صحيح مسلم .
* وأما أبدية الجنة ونعيمها :
* عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ينادي منادٍ إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً فذلك قوله عز وجل ( ونودوا أن تلكُم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون )) مسلم وأحمد والترمذي .
* وأما أمنيات العبد في الجنة :
* عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( إن أدنى مقعد أحدكم من الجنة أن يقول له تمن فيتمنى ويتمنى فيقول له هل تمنيت فيقول نعم فيقول له فإن لك ما تمنيت ومثله معه ) مسلم وأحمد .
* وأما الزيادة في العطاء :
* وعن أبي سعيد الخدري أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إن الله يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك فيقول هل رضيتم فيقولون وما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول ألا أعطيكم أفضل من ذلك فيقولون يا رب وأي شيء أفضل من ذلك فيقول أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً ) البخاري ومسلم .
* عن صهيبٍ (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إذا دخل أهل الجنة الجنة قال يقول الله تبارك وتعالى تريدون شيئا أزيدكم فيقولون ألم تبيض وجوهنا ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار قال فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل ) ثم تلا هذه الآية ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) صحيح مسلم .
وأما ما في الجنة من نعيم ، فهو بخلاف ما يخطر ببالك ، وما الوصف إلا للتقريب إلى الذهن ، وكل ما في الدنيا من نعيم لا يُشابه نعيم الجنة إلا بالإسم فقط ، فهيا شمر سواعد الطاعة وسابق إلى جنةٍ عرضها السموات والأرض .
* وما أجمل ما قاله الإمام ابن القيم (رحمه الله( في وصف الجنةِ وما فيها من نعيمٍ مُقيم :
وكيف يُقدرُ قدرَ دارٍ غرسها الله بيده وجعلها مقراً لأحبابه ، وملأها من رحمته وكرامته ورضوانه ، ووصف نعيمها بالفوز العظيم، ومُلكها بالملكِ الكبير، وأودعها جميعَ الخيرِ بحذافيره ، وَطهرها من كلِ عيبٍ وآفةٍ ونقص.
وإن سألت : عن سقفها ، فهو عرش الرحمن.
وإن سألت : عن ملاطها ، فهو المسك الأذفر.
وإن سألت : عن حصبائها ، فهو اللؤلؤ والجوهر.
وإن سألت : عن بنائها ، فلبنة من فضة ولبنة من ذهب ، لا من الحطب والخشب.
وإن سألت : عن أشجارها ، فما فيها شجرة إلا وساقها من ذهب.
وإن سألت : عن ثمرها، فأمثال القلال ، ألينُ من الزبدِ وأحلى من العسل.
وإن سألت : عن ورقها ، فأحسن ما يكون من رقائق الحلل.
وإن سألت : عن أنهارها ، فأنهارها من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذةٍ للشاربين ، وأنهارٌ من عسل مصفى.
وإن سألت : عن طعامهم ، ففاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون.
وإن سألت : عن شرابهم ، فالتسنيم والزنجبيل والكافور.
وإن سألت : عن آنيتهم ، فآنية الذهب والفضة في صفاء القوارير.
وإن سألت : عن سعة أبوابها ، فبين المصراعين مسيرة أربعين من الأعوام ، وليأتين عليه يوم وهو كظيظٌ من الزحام.
وإن سألت : عن تصفيق الرياح لأشجارها ، فإنها تستفز بالطرب من يسمعها.
وإن سألت : عن ظلها ففيها الشجرة الواحدة يسير الراكب المُجدُ السريعُ في ظلها مئة عام لا يقطعها.
وإن سألت : عن خيامها وقبابها ، فالخيمة من درة مجوفة طولها ستون ميلاً من تلك الخيام.
وإن سألت : عن علاليها وجواسقها فهي غرفٌ من فوقها غرف مبنية ، تجري من تحتها الأنهار.
وإن سألت : عن إرتفاعها ، فانظر إلى الكوكب الطالع ، أو الغارب في الأفق الذي لا تكاد تناله الأبصار.
وإن سألت : عن لباسِ أهلها ، فهو الحرير والذهب.
وإن سألت : عن فُرشها ، فبطائنها من استبرق مفروشة في أعلى الرتب.
وإن سألت : عن أرائكها ، فهي الأسرة عليها البشخانات ، وهي الحجالُ مزررة بأزرار الذهب ، فما لها من فروج ولا خلال.
وإن سألت : عن وجوهِ أهلها حُسنهم فعلى صورة القمر .
وإن سألت : عن أسنانهم ، فأبناء ثلاثة وثلاثين، على صورة أبيهم آدم عليه السلام .
وإن سألت : عن سماعهم ، فغناءُ أزواجهم من الحور العين، وأعلى منه سماع أصوات الملائكة والنبيين ، وأعلى منهما سماع خطاب رب العالمين .
وإن سألت : عن مطاياهم التي يتزاورون عليها ، فنجائب أنشأها الله مما شاء ، تسير بهم حيث شاؤوا من الجنان.
وإن سألت : عن حليهم وشارتهم ، فأساور الذهبِ واللؤلؤِ على الرؤوسِ ملابس التيجان .
وإن سألت : عن غلمانهم ، فولدانٌ مخلدون ، كأنهم لؤلؤٌ مكنون.
وإن سألت : عن عرائسهم وأزواجهم ، فهُنَّ الكواعبُ الأتراب اللائي جرى في أعضائهن ماءُ الشباب ، فللورد والتفاح ما لبسته الخدود ، وللرمانِ ماتضمنته النهود ، وللؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور، وللدقة واللطافة ما دارت عليه الخصور.
تجري الشمس في محاسنِ وجهها إذا برزت ، ويضيئُ البرقُ من بين ثناياها إذا تبسمت، وإذا قابلت حُبها فقل ما شئت في تقابل النيرين ، وإذا حادثته فما ظنك في محادثة الحبيبين ، وإن ضمها إليه فما ظنك بتعانق الغصنين ، يرى وجهه في صحن خدها ، كما يُرى في المرآة التي جلاها صيقلُها ، ويُرى مُخَ ساقها من وراءِ اللحمِ ، ولا يسترهُ جلدُها ولا عظمُها ولا حُللها.
لو أطلت على الدنيا لملأت ما بين الأرض والسماء ريحاً، ولاستنطقت أفواهِ الخلائق تهليلاً وتكبيراً و تسبيحاً ، ولتزخرف لها ما بين الخافقين ، ولأغمضت عن غيرها كل عين، ولطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم ، ولآمن كل من رآها على وجه الأرض بالله الحي القيوم ، ونصيفها (الخمار) على رأسها خير من الدنيا ومافيها .
ووصالهُ أشهى إليها من جميعِ أمانيها ، لا تزداد على تطاول الأحقاب إلا حُسناً وجمالاً ، ولا يزداد على طول المدى إلا محبةً ووصالاً ، ُمبرأة من الحبلِ والولادة والحيض والنفاس ، مطهرةٌ من المخاطِ والبصاقِ والبول والغائط وسائرالأدناس .
لا يفنى شبابها ولا تبلى ثيابها ، ولا يخلق ثوب جمالها ، ولا يمل طيب وصالها ، قد قصرت طرفها على زوجها ، فلا تطمح لأحد سواه ، إليها سرته ، وإن أمرها أطاعته ، وإن غاب عنها حفظته فهو وقصرت طرفه عليها فهي غاية أمنيته وهواه ، إن نظر معها في غاية الأماني والأمان.
هذا ولم يطمثها قبلهُ أنسٌ ولا جآن ، كلما نظر إليها ملأت قلبهُ سروراً، وكلما حدثتهُ ملأت أذنهُ لؤلؤاً منظوماً ومنثوراً ، وإذا برزت ملأت القصر والغرفة نوراً.
وإن سألت : عن السنِ ، فأترابٌ في أعدلِ سنِ الشباب.
وإن سألت : عن الحسن ، فهل رأيت الشمس والقمر.
وإن سألت : عن الحدق (سواد العيون) فأحسن سواد ، في أصفى بياضٍ ، في أحسن َحوَرْ.
وإن سألت : عن القدود ، فهل رأيت أحسن الأغصان.
وإن سألت : عن النهود ، فهن الكواعب ، نهودهن كألطف الرمان.
وإن سألت : عن اللونِ ، فكأنهُ الياقوت والمرجان.
وإن سألت : عن حُسن الخلق، فهُنَّ الخيراتُ الحِسان، اللاتي جمع لهُن بينا لحسن والإحسان ، فأعطين جمال الباطن والظاهر، فهن أفراح النفوس وقرة النواظر.
وإن سألت : عن حُسن العِشرةِ ، ولذة ما هنالك : فهن العروب المتحببات إلى الأزواج ، بلطافة التبعلِ ، التي تمتزج بالزوج أيَ امتزاج .
فما ظنك بإمرأة إذا ضحكت بوجه زوجها أضاءت الجنةَ من ضحكها ، وإذا انتقلت من قصرٍ إلى قصرٍ، ُقلت هذه الشمس متنقلةٌ في بروج فلكها ، وإذا حاضرت زوجها فيا حسن تلك المُحاضرة، وإن خاصرته فيا لذة تلك المعانقة والمخاصرة .
وحديثها السحر الحلال لو أنـــــه *** لم يجن قتل المسلم المتحرزْ
إن طال لم يملي وإن هي أوجزت *** ودَ المُحدثَ أنها لم تُوجــــزْ
وإن غنت فيا لذة الأبصار والأسماع ، وإن آنست وأمتعت فيا حبذا تلك المؤانسة والإمتاع ، وإن قبْلت فلا شيء أشهى إليه من ذلك التقبيل ، وإن نولت فلا ألذ ولا أطيب من ذلك التنويل
هذا وإن سألت : عن يوم المزيد ، وزيارة العزيز الحميد ، ورؤية وجهه المنزه عن التمثيل والتشبيه ، كما تُرى الشمسُ في الظهيرة والقمرُ ليلة البدر، كما تواتر النقل فيه عن الصادق المصدوق .
* وذلك كلهُ موجودٌ في الكتابِ والصحاحِ ، والسنن المسانيدِ، ومن رواية جريرٍ، وصهيبٍ ، وأنسٍ ، وأبي هريرة ، وأبي موسى ،وأبي سعيدٍ (رضي الله عنهم أجمعين ) .
* ولمن هي يا رب :
* قال تعالى : ( وأزلفت الجنةُ للمُتقينَ غيرَ بعيد * هذا ما تـُوعدونَ لكلِ أوابٍ حفيظٍ * من خشيَ الرحمنَ بالغيبِ وجآءَ بقلب مُنيبٍ * ادخلوها بسلامٍ ذلكَ يومُ الخلود * لهم ما يشآءون فيها ولدينا مزيد ) ق 3 1ـ 35
وقال المُفسرون المزيد هو رؤية الله جل جلاله .
قال إبن القيم (رحمه الله) : هي لمن وَقْعُواْ العقدَ مع الله وهم : التائبون مما يكره ، العابدونَ لهُ بما يُحب ، الحامدونَ لهُ على ما يُحبون وما يكرهون ، السائحون ( وفُسرت : بالسفر في طلب العلم والصيام ، والجهاد ، ودوام الطاعة لله ، وسياحة القلوب في محبة الله تعالى وخشيتهِ والإنابةِ إليهِ وذكرهُ)
* عن أبي هريرة (رضي الله عنه) : ( أن أعرابيا أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان قال والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا ) في الصحيحين .
* وعن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري : ( أن ناساً في زمن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نعم قال : هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحواً ليس معها سحاب ؟؟، وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيها سحاب ؟؟ قالوا : لا يا رسول الله قال ما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما، إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن ليتبع كل أمة ما كانت تعبد فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر وغير أهل الكتاب فيدعى اليهود فيقال لهم ما كنتم تعبدون قالوا كنا نعبد عزير ابن الله فيقال كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ، فماذا تبغون قالوا عطشنا يا ربنا فاسقنا فيشار إليهم ألا تردون فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار ثم يدعى النصارى فيقال لهم ما كنتم تعبدون قالوا كنا نعبد المسيح ابن الله فيقال لهم كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد فيقال لهم ماذا تبغون فيقولون عطشنا يا ربنا فاسقنا قال فيشار إليهم ألا تردون فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى من بر وفاجر أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها قال فما تنتظرون تتبع كل أمة ما كانت تعبد قالوا يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئا مرتين أو ثلاثا حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها فيقولون نعم فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه ثم يرفعون رءوسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة فقال أنا ربكم فيقولون أنت ربنا ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ويقولون اللهم سلم سلم قيل يا رسول الله وما الجسر قال دحض مزلة فيه خطاطيف وكلاليب وحسك تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكدوس في نار جهنم حتى إذا خلص المؤمنون من النار فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشد مناشدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار يقولون ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون فيقال لهم أخرجوا من عرفتم فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقا كثيرا قد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه ثم يقولون ربنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به فيقول ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون ربنا لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا ثم يقول ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا أحدا ثم يقول ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون ربنا لم نذر فيها خيرا وكان أبو سعيد الخدري يقول إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرءوا إن شئتم ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ) فيقول الله عز وجل شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط قد عادوا حمما فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر ما يكون إلى الشمس أصيفر وأخيضر وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض ، فقالوا يا رسول الله كأنك كنت ترعى بالبادية قال فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم يعرفهم أهل الجنة هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه ثم يقول ادخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم فيقولون ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين فيقول لكم عندي أفضل من هذا فيقولون يا ربنا أي شيء أفضل من هذا فيقول رضاي فلا أسخط عليكم بعده أبدا ) صحيح مسلم.
*وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال يا محمد أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء ، وأنها قيعان ، وأن غراسها : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ، والله أكبر) . رواه الترمذي .
* وعن أنسٍ (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( أنا أولُ من يأخذُ بحلقةِ بابِ الجنةِ فأقعْـــقعُها ) صحيح رواه أحمد والترمذي والدارمي وفي الصحيحة .
* وكما بدأتُ كتابي هذا بآية رقم 6 من سورة الزمر ، أنهيها بآخر آية من سورة الزمر 75 .
قال تعالى : ( وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) الزمر 755 .
وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
* والحمد لله رب العالمين *
هذا والله أعلى وأجل وأعلم .
فإن كان من حقٍ وصوابٍ ، فمن الله وحده ، وإن كان من خطأٍ أو سهوٍ أو نسيان فمني ومن الشيطان .
الشيخ جميل لافي
الجمعة 25 / 2 / 2011 م
22/ ربيع الأول / 1432 هـ
2 / 2 / 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق